بعد أن انتهينا من دراسة ما يتطلبه الفرع الثالث من علوم وآداب،
انتقلنا إلى الفرع الرابع، وهو فرع (الإفادة)
وقد سألنا ـ ونحن في الركن المرتبط بهذا من محضرة الآداب ـ شيخنا
محمد الأمين الشنقيطي عن معنى الإفادة، فقال: إن طالب العلم كما لا يختلف عن
النبتة التي تسقى، ويعتنى بها.. فهو لا يختلف ـ كذلك ـ عن النبتة في انتظار ثمارها
ونتاجها وفوائدها.
قلنا: إن النباتات تختلف في ثمارها.. فما ثمار طالب العلم المستن
بسنة رسول الله a؟
قال: لقد ذكر رسول الله a أصناف الثمار، فقال:(إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل
غيثٍ أصاب أرضاً فكانت منها طائفةٌ طيبةٌ، قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير،
وكان منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا.
وأصاب طائفةٌ منها أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأ. فذلك مثل من
فقه في دين الله، ونفعه بما بعثني الله به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك
رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به)[1]
ففي هذا الحديث ذكر رسول الله a ثمرتين صالحتين، وثمرة فاسدة.
أما الثمرة الأولى، وهي أصلح الثمار وأكملها، فهي ثمرة انتفعت بالعلم
انتفاعا عظيما، حيث أنبتت من غيثه الكلأ والعشب الكثير الذي انتفع به الإنسان وغير
الإنسان.
وأما الثمرة الثانية، فأمسكت من الماء ما انتفع به الناس بعد ذلك في
سقيهم وزرعهم.