منكم أولوا الأحلام والنُّهَى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)[1]
قلت: ألا يحمل هذا التقديم نوعا من الجور ؟
قال: يستحيل على رسول الله a أن يقع في الجور.. بل هذا عين العدل.. أليس العدل هو أن تضع كل شيء
في موضعه الذي وضعه الله فيه؟
قلنا: بلى..
قال: فالمجالس كذلك.. إن مجالس العلم قد تحتاج حوارا ومراجعات، ولا
يصلح لهذا غير أولي الأحلام والنهى..
إن مجالس العلم كصفوف الصلاة تماما، وقد روي أن رسول الله a كان يقول: (استووا ولا تختلفوا
فتختلف قلوبكم، ليليني منكم أولو الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين
يلونهم) [2]
أتدرون لم قدم أولي الأحلام والنهى بهذه المرتبة دون غيرهم؟
قلنا: الحكمة في ذلك يسيرة.. فالإمام قد يحتاج إلى من يفتح عليه، وقد
يحتاج إلى من يستخلفه.. ولا يصلح لذلك إلا أولو الأحلام والنهى.
قال: فهكذا مجلس العلم.. قد ينسى المعلم، فيذكر، وقد يخطئ فيصوب، وقد
يراجع فيحقق..
قلنا: عرفنا هذا، فهل هناك أدب غيره.
قال: من آداب المجالس التي لا تستقيم مجالس العلم إلا بها أن يحترم
الجالس الجلساء، فلا يقيم أحدا من مجلسه ليجلس فيه دون.
قلت: أحفظ في ذلك قوله a:(لا يقيم الرَّجُلُ الرَّجُلَ من مجلسه فيجلس فيه، ولكن