ذلك، فقال:﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي
جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3)﴾
(الهمزة).. وقد أخبر الله تعالى عن مصير من هذا حاله، فقال:﴿ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ
فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ
الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ
مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)﴾ (الهمزة)
قلت: هذا جزاؤه في الآخرة.
قال: وهناك جزاء في الدنيا لمن انشغل بماله عن علمه.. وهو جزاء يكاد
يشبه ما ذكره الله تعالى من جزاء الآخرة..
قلنا: فما هو؟
قال: إن هذا الذي استعبده ماله ستحطم إنسانيته بماله، وسيسجن في سجون
ماله، وسيحرق بلهب ماله..
لقد اتفق على هذا جميع أهل الله من ورثة رسول الله a.. ولهذا تراهم يحضون على تعظيم العلم
واحترامه وعدم الوقوع فيما وقع فيه بنو إسرائيل عندما قدموا المال على العلم.
قال بعض الطلبة: أروي في ذلك ما قاله علي بن أبي طالب لتلميذه النجيب
كميل، فقد قال له: (يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال،
والعلم حاكم، والمال محكوم عليه، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو بالإنفاق)
قال آخر: وأروي عن أبي الأسود قوله: (ليس شيء أعز من العلم، الملوك
حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك)
قلنا: عرفنا ما يفهمه طالب العلم من الثانية، فما الذي يستفيد من
الثالثة، وهي قوله تعالى:﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (آل عمران:18)؟
قال: ألا ترون كيف عطف الله تعالى أهل العلم على نفسه، وعلى ملائكته؟