فالعالم يحتاج إلى إحضار المعارف المختلفة في كل حين ليستنتج منها
معارف جديدة، أو ليخدم بها من يريد أن يخدمه، وما لم تكن هذه المعارف حاضرة في
ذهنه، فإنه لا يمكن أن يفيد بها أحدا، بل لا يمكن أن يستفيد هو نفسه منها.
قال: إن هذه الآية تحمل دعوة عظيمة للحفظ، فلا يمكن أن يتعلم من لم
يحفظ.. ولهذا ربطت الآية بين الحفظ في الصدور، وبين أهل العلم، وكأنها تقول لطالب
العلم: إن أردت أن تصير من أهله، فاشحذ ذاكرتك، ووسع صدرك ليصبح مخزنا للعلوم.
قلت: هذا في القرآن.. فهل ورد في السنة ما يدل عليه؟
قال: السنة تمتلئ بذلك.. فالرسول a ـ تشجيعا على الحفظ ـ يقدم حافظ القرآن
على غيره في الإمامة وغيرها، فقد قال رسول الله a:(يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن
كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة،
فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلما[1]، ولا يؤمن الرجل الرجل في
سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه)[2]
وعن جابر بن عبد الله أن النبي a كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم
يقول: أيهما اكثر أخذا للقرآن؟ فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد[3].