تعالى مخبرا عن حرص رسول الله a ألا ينسى حرفا واحدا مما يوحى إليه:﴿ وَلا تَعْجَلْ
بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي
عِلْمًا ﴾ (طه: 114)، وقال:﴿ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ
لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا
قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ
(19)﴾ (القيامة)
وبمثل هذا وردت الأسانيد، فعن ابن عباس قال: كان رسول الله
يعالج من التنزيل شدة، فكان يحرك شفتيه، فأنزل الله عز وجل:﴿ لا تُحَرِّكْ
بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ أي
جمعه في صدرك، ثم تقرأه، ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
﴾ فاستمع له وأنصت، ﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ فكان
بعد ذلك إذا انطلق جبريل قرأه كما أقرأه[1].
قلت: ولكن الله طمأن نبيه a إلى أنه لن ينسى حرفا مما قرأه،
فقال مبشرا نبيه : ﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى﴾ (الأعلى:6)
قال: ولكن الله تعالى لم يبشرنا بما بشر به نبيه a..
فلذلك لا ينبغي أن يفتر طالب العلم لحظة عن علمه.. لقد أشار رسول الله a إلى
ذلك، فقال:(إن مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها،
وإن أطلقها ذهبت)[2]، وفي حديث آخر قال a:(تعاهدوا
القرآن، فوالذى نفسي بيده لهو أشد تفصيا من قلوب الرجال من الإبل من عقلها)[3]