قال: ألم يكن رسول الله a إذا نزل عليه جبريل u
بالوحي يتفصد عرقاً في اليوم الشديد البرد، فإذا كان على ناقة جثت الناقة، وأصاب
عنقها الأرض من شدة ما يناله a
عند نزول الوحي؟
قلنا: بلى.. ذلك كذلك.. فما سره؟ وما علاقته بالمجاهدة؟
قال: العلم ثقيل، فلا ينبغي أن يستخف به، ورسالة عظمى، فلا ينبغي
إهانتها.
قلنا: وكيف يستخف به؟ وكيف تهان؟
قال: إذا لم يعطه طالبه حقه من الجهد والبحث والنظر والمعاناة كان
مستخفا به، وكان مستهينا بالرسالة التي يحملها.
قلت: فما حقه من الجهد؟
قال: لقد جعل الله لكل مسألة من مسائل العلم مفتاحها من المجاهدة،
فمن لم تبلغ مجاهدته حق مفتاحها، فإنه لن يظفر من ذلك العلم إلا بالظواهر التي
تملؤه بالغفلة، وتملأ نفسه بالغرور.
قلت: ألهذا سمى العلماء الباحث في مسائل العلم مجتهدا؟
قال: أجل.. ولم يطلقوا عليه هذه اللقب العظيم إلا بعد أن عانى
الأمرين في البحث عن حقيقة العلم الذي صار مجتهدا فيه.
قلت: ما نوع هذا الجهد؟
قال: يختلف باختلاف المسائل: قد يكون رحلة تحقيق، وقد يكون اجتهاد
تحصيل ومراجعة ومطالعة، وقد يكون معاناة تأمل، وقد يكون معاناة حفظ.