فنسألهم عما تقول، أحق هو أم باطل، فإن صدقوك وصنعت ما سألنا صدقناك
وعرفنا به منزلتك من الله، وأنه بعثك رسولا كما تقول.
فقال لهم رسول الله a: ما
بهذا بُعثت إليكم، إنما جئتكم من الله بما بعثني به، وقد بلغتكم ما أرسلت به
إليكم، فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخـرة، وإن تردوه عليّ أصبر لأمر الله
تعالى حتى يحكم الله بيني وبينكم.
قالوا: فإذا لم تفعل هذا لنا فخُذ لنفسك، سلْ ربك أن يبعث معك ملكا
يصدقك بما تقول، ويراجعنا عنك، وسله فليجعل لك جِنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة
يُغنيك بها عما نراك تبتغي، فإنك تقوم بالأسواق كما نقوم، وتلتمس المعاش كما
نلتمسه، حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم.
فقال لهم رسول الله a: ما
أنا بفاعل، وما أنا بالذي يسأل ربه هذا، وما بُعثت إليكم بهذا، ولكن الله بعثني
بشيرا ونذيرا ـ أو كما قال ـ فإن تقبلوا ما جئت به فهو حظكم في الدنيا والآخرة،
وإن تردوه علي أصبر لأمر الله بيني وبينكم.
قالوا: فأسقط السماء علينا كسفا كما زعمت أن ربك إن شاء فعل، فإنا لا
نؤمن لك إلا أن تفعل.
فقال رسول الله a:
ذلك إلى الله، إن يفعله بكم فعل.
قالوا: يا محمد، أفما علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك عنه،
ونطلب منك ما نطلب، فيتقدم إليك فيعلمك ما تُراجعنا به، ويخبرك ما هو صانع في ذلك
بنا، إذ لم نقبل منك ما جئتنا به، إنه قد بلغنا أنك إنما يعلمك هذا رجل باليمامة
يقال له الرحمن، وإنا والله لا نتركك وما بلغت منا حتى نُهلكك أو تُهلكنا؟
فلما قالوا ذلك لرسول الله a قام عنهم.
التفت القارئ إلى المحيطين به، وقال: هذا هو نص هذه الرواية..
فالتمسوا منها بدائع