قلت: فللأب أن يقيم الحدود على ابنه،
وللزوج أن يقيم الحدود على زوجته.
قال: لا.. ذلك للإمام الأعلى..
قلت: فما التغيير باليد إذن؟
قال: التغيير باليد ذو صور ومراحل عديدة..
منها استخدام اليد في إفساد آلات المنكر، أو إذهاب عين المنكر، كتحطيم أدوات شرب
الخمر وإراقتها، وتهديم حاناتها، إذا لم تكن تصلح إلا لذلك، أو غلق الطرق المؤدية
إليها، أو قطع المياه وأدوات الإنارة عنها، أو إفساد آلات الغناء الماجن المحرم،
وإفساد أماكن بيعه وتوزيعه، إذا لم تكن تلك الأماكن صالحة إلا لذلك..
قلت: فقد انحصر الأمر في إفساد آلة
المنكر.. والضرب.
قال: أما إفساد آلة المنكر، فلا يفسدها
إلا إذا كانت لمحض المنكر.. وأما الضرب، فله حدود وضوابط لابد من التزامها، وإلا
كان التغيير نفسه منكرا[1].
نظرت، فرأيت مكتوبا في الحالة الثانية:(أن
يكون للمغيِّر ولاية عامة على ذي المنكر)، فقلت: ما الذي تقصد بهذا؟
قال: الولاية العامة هي ولاية الحاكم على
رعيته.. وبما أن هذا الحاكم مفوض من الرعية بإقامة العدل، وتوفير الأمن، فقد أعطاه
الشرع حق استعمال الشدة في محلها، ولأهلها.
قلت: فلم لم يضع طرقا أكثر رحمة، وأميل
إلى الرفق؟
قال: أرأيت لو أن مريضا من الأمراض أصابه
ورم عجز كل علاج عن شفائه، فلم ير الطبيب حلا لذلك إلا استئصال الورم بعملية
جراحية.. أكان في ذلك رحيما أم قاسيا؟
قلت: ما دام لم يجد أي علاج.. فما وصفه
عين الرحمة؟
[1] ذكرنا
الضوابط الشرعية لاستعمال هذه الوسيلة في كتاب (الأساليب الشرعية لتربية الأولاد)
من سلسلة (فقه الأسرة برؤية مقاصدية)