تحاول هذه الرواية ـ بقدر الطاقة ـ أن تصور بعض نواحي الكمال
التي أودعها الله في النموذج الأكمل للإنسان الذي أراده الله ورضيه، وجعله عينا من
عيون رحمته، ومنبعا من منابع لطفه بعباده وعنايته بهم.. وجعله بعد ذلك مرآة لتجلي
حقائق الوجود وكمالاته.. وجعله فوق ذلك كله صراطا مستقيما، من سار على هديه وصل،
ومن سلك غير سبيله ضل.
هذا الكامل الذي شهد له كل شيء بالكمال، هو محمد رسول الله a..
وبما أنه لا يمكن لبشر مهما كان أن يحيط بكمالاته a أو يصورها، فقد استعرنا في هذه
الرواية بدله مجموعة من الورثة .. كل واحد منهم يحكي ناحية من النواحي.. فمن لا
طاقة له بالنظر إلى الشمس يمكنه أن ينظر إليها من خلال صفحات الماء الصافية.
وجعلنا بطل الرواية الأساسي الذي يحكي قصة رحلته إلى [النبي
الإنسان] رجلا اهتم بالبحث عن الكمال الإنساني.. وقد جعله ذلك يرحل إلى مناطق
كثيرة من العالم إلى أن ظفر ببغيته في عشرة من الناس، كل واحد منهم يحدثه عن ناحية
من نواحي الكمال في رسول الله a ..
وهذه النواحي العشرة هي:
العارف: الذي اجتمعت في عقله وقلبه حقائق الوجود الكبرى، من
مصادرها المعصومة المقدسة بعيدا عن الجدل والخرافة والأسطورة وغيرها.
العابد: الذي توجه إلى الله بكل لطائفه، وبكل ألوان
العبودية، ولم يخل وقت من أوقاته من وظيفة من وظائف التوجه الصادق إلى الله.
الورع: الذي لم يقرب حراما ولا شبهة من أول حياته إلى
آخرها.. بل نال فوق ذلك أكمل مراتب الورع، حيث حصر همته في الله، فما زاغ بصره،
وما طغى.