ولهذا لا يوجد انفصام في الإسلام بين الخالق والقيّوم،
والمُمِيت كما هو الشأن في الأديان الهندية.. فمدلول الثلاثة كلها واحد؛ هو: الله
الخالق القيّوم المُمِيت، والموصوف لا يتعدّد مهما كثُرت صفاته: ﴿
فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
﴾ (الجاثـية: 36 ـ 37)، ﴿ هُوَ الله الَّذِي لا إِلَهَ إلَّا هُوَ
عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ الله الَّذِي
لا إِلَهَ إلَّا هُوَ المَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ المؤمِنُ المهيمِنُ
الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ المتكبِّر سُبْحَانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ الله
الْخَالِقُ الْبَارِئُ المصوِّر لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا
فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ (الحشر: 22 ـ
24)
فالله ـ في الإسلام ـ واحد، وإن كثُرَت أسماؤه وتعدَّدت صفاته،
وهذه الكثرة ليست في ذاته؛ بل في صفاته؛ وإنما علمنا ذاته الواحدة الموصوفة
بالصفات الكثيرة بسبب رسالة محمد.
أما الأديان الأخرى؛ فقد جعل أتباعها اللهَ الواحدَ آلهةً
متعدِّدة بتعدُّد صفاته؛ ولهذا بيّن الإسلام أحسن البيان بأن القُدُوس والخالق
والملك والمؤمن والجبار والعزيز والمصوِّر والرحمن والرحيم هو الله.. وليس غير
الله.
هذا عن الثاني.. أما الثالث.. وهو الأفعال ؛ فجميع النصوص
المقدسة للمسلمين تخبر بأن الأفعال ـ وإن كانت كثيرة ـ فإن الفعَّال هو الله
الواحد العزيز المُتعالِ.
قال رجل من الجمع، ويظهر من ملامحه أنه مجوسي من أتباع زرادشت،
فقال: كيف تقول ذلك.. ونحن نرى الخير، والشر.. فهل يمكن للواحد أن يفعل فِعلَين
متضادَّين؟
ابتسم السيد سليمان، وقال: يظهر لي أنك من أتباع زرداشت..
فأتباعه هم الذين عبدوا إلَـهَين اثنَين؛ أحدهما للخير والآخر للشرّ، وسَمَّوا
مُسدي الخير (يزدان)، ومصدر الشرّ (أهرمن)، وتصوَّرا أن هذا العالم ساحة حرب يعترك
فيها هذان القَرْنان المتصارِعان..