أضف إلى ذلك كله اهتمام العالم كله بنشر كل ما يرتبط بمحمد..
وكأن هناك يدا خفية توجههم إلى ذلك.
لقد رأيت أن ما ألَّفه الناس في سيرة محمد من عهد الرسالة إلَى
يومنا هذا ـ في مختلف الأوطان الإسلامية والأجنبية، في معظم لُغات العالم ـ يُعَدّ
بالأُلُوف، واعْتبر ذلك بما صُنِّف باللَّغة الأوردية الحديثة وحدها في موضوع
السيرة النبويـة ـ مع أنّ الأوردية لم تَصِر لغة تأليف إلَّا منذ قرنَين علَى
الأكثر ـ ؛ وفي تقديري أن ما صُنِّف بها وحدها في السيرة النبوية يبلغ ألفًا ـ إن
لم يَزِد عليه.
ولم تكن الكتابة حكرا على المسلمين.. بل هناك الكثير ممن ألَّف
في سيرة محمد ممن لا يؤمِنون بنبوّته ولا يوقِنون برسالته؛ فإننا نجد في الهند
نفسها علَى اختلاف مِلَلها ـ من الهنادك والسيخ والبرهمو سماج ـ كثيرًا من علمائهم
قد ألَّفوا في سيرته.
أما الأوربيون ـ الَّذِين لا يدينون بالإسلام ولا يؤمِنون
بالرسالة المحمدية ـ فقد صنّف منهم في سيرة محمد حتى المبشِّرون من دُعاة
النصرانية والمستشرِقون عنايةً منهم بالتاريخ، وإرواءً لظمإهم العِلْميّ، ويُعَدّ
ما ألَّفوه في ذلك بالمئات.
الكمال
قال رجل من الجمع: عرفنا الشرط الأول.. وانفراد محمد من بين كل
عظماء الدنيا بالتحقق به.. فهل تحقق الشرط الثاني؟
قال: بعد أن استيقنت بأن الحياة الوحيدة المحفوظة بكل تفاصيلها
هي حياة محمد وتعاليمه، رحت أبحث عن مدى تحققها بالكمال الإنساني.
لقد كنت أدرك بأدلة لا حصر لها بأن الله لن يختار إلا الإنسان
الكامل.. فالقاصر والعاجز والضعيف لا يمكن أن يكون قدوة لغيره.. ولا يمكن لغيره أن
يسير سيره، أو يستن