قال: لقد تتبعت ما ورد عن كل عظماء العالم ـ بغض النظر عن صدق
ما ورد ـ فلم أجد رجلا اهتم الناس بكل ما في حياته من تفاصيل كاهتمامهم بمحمد..
حتى لكأنه بيننا لا يزال حيا بكل ما في الحياة من معنى.
سأذكر لكم ـ باختصار ـ المصادر التي تناولت حياة محمد
وتفاصيلها، لتعرفوا مدى الاهتمام الذي أولاه العامة والخاصة لحياة محمد.
أول المصادر ـ بعد القرآن الذي سجل الكثير مما يرتبط بحياة محمد
وسلوكه ـ كتب الحديث؛ وهي كتب حَفِظَت لنا من أقوال محمد وأفعاله وأحواله ما يبلغ
مائة ألف حديث، وقد امتاز الصحيح منها عن الضَّعيف والموضوع، والقويّ منها عن غير
القويّ.
ومنها كتب المغازِي. ومعظم ما فيها ذِكْر الغزوات النبويّة، وقد
تتضمّن أمورًا أخرى.
ومنها كتب التاريخ الإسلامي العامّ؛ الَّتِي تبتدئ بالسيرة
النبوية.
ومنها الكتب الَّتِي ألفت في المعجزات؛ وتُسَمّى بكتب الدلائل.
ومنها كتب الشمائل؛ وهي مقصورة علَى ذِكْر أخلاق محمد وعاداته
وفضائله، وما كان يعمل في يومه من الصباح إلَى المساء، وفي ليله من المساء إلَى
الصباح.
ومنها الكتب الَّتِي صنّفها بعض العلماء المتقدِّمين في أحوال
مكة والمدينة البلاد التي سكنها محمد، لقد ذكروا كل ما يرتبط بهذين البلدَين من
بقاع وأماكن وأودية وجبال وخطط، وذكروا مَن تولَّى إمارتهما، بادئين بكل ما له
علاقة بمحمد..
نظر إلى الجمع، والابتسامة تعلو محياه، وقال: أرأيتم ـ أيها
الجمع الكريم ـ حتى الحجارة التي تشرفت بوطء محمد قدمه عليها حفظ التاريخ ذكرها..
ولا يزال يحفظه.
قال ذلك، ثم استأنف يقول: لم تكن تلك الكتابات مجرد أوراق مخزنة
على الرفوف لا يلتفت لها أحد.. لقد وجدت أنها الثقافة التي كانت تسود فترات كثيرة
المجتمعات الإسلامية..