علي: أشهد من حضر أني قد زوجت هذا الغلام
من هذه المرأة الغريبة منه، يا قنبر ائتني بطينة فيها درهم، فأتاه بها، فعد
أربعمائة وثمانين درهما، فدفعها مهرا لها، وقال للغلام: خذ بيد امرأتك، ولا تأتنا
إلا وعليك أثر العرس، فلما ولى، قالت المرأة: يا أبا الحسن، الله الله هو النار،
هو والله ابني، قال: وكيف ذلك؟ قالت: إن أباه كان زنجيا، وإن إخوتي زوجوني منه،
فحملت بهذا الغلام، وخرج الرجل غازيا فقتل، وبعثت بهذا إلى حي بني فلان، فنشأ
فيهم، وأنفت أن يكون ابني، فقال علي: أنا أبو الحسن، وألحقه بها، وثبت نسبه.
وذكر الأصبغ بن نباتة أن شابا شكا إلى
علي بن أبي طالب نفرا، فقال: إن هؤلاء خرجوا مع أبي في سفر، فعادوا ولم يعد أبي،
فسألتهم عنه، فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله؟ فقالوا: ما ترك شيئا، وكان معه مال
كثير، وترافعنا إلى شريح، فاستحلفهم وخلى سبيلهم، فدعا علي بالشرط، فوكل بكل رجل
رجلين، وأوصاهم ألا يمكنوا بعضهم أن يدنو من بعض، ولا يدعوا أحدا يكلمهم، ودعا
كاتبه، ودعا أحدهم، فقال: أخبرني عن أبي هذا الفتى: في أي يوم خرج معكم؟ وفي أي
منزل نزلتم؟ وكيف كان سيركم؟ وبأي علة مات؟ وكيف أصيب بماله؟ وسأله عمن غسله
ودفنه؟ ومن تولى الصلاة عليه؟ وأين دفن؟ ونحو ذلك، والكاتب يكتب، ثم كبر علي فكبر
الحاضرون، والمتهمون لا علم لهم إلا أنهم ظنوا أن صاحبهم قد أقر عليهم.
ثم دعا آخر بعد أن غيب الأول عن مجلسه،
فسأله كما سأل صاحبه، ثم الآخر كذلك، حتى عرف ما عند الجميع، فوجد كل واحد منهم
يخبر بضد ما أخبر به صاحبه، ثم أمر برد الأول، فقال: يا عدو الله، قد عرفت غدرك
وكذبك بما سمعت من أصحابك، وما ينجيك من العقوبة إلا الصدق، ثم أمر به إلى السجن،
وكبر، وكبر معه الحاضرون، فلما أبصر القوم الحال لم يشكوا أن صاحبهم أقر عليهم،
فدعا آخر منهم، فهدده، فقال: يا أمير المؤمنين، والله لقد كنت كارها لما صنعوا، ثم
دعا الجميع فأقروا بالقصة، واستدعي الذي في السجن، وقيل له: قد أقر أصحابك ولا
ينجيك سوى الصدق، فأقر بمثل ما أقر به القوم، فأغرمهم المال، وأقاد