قال: هل يمكن أن تسلم لصبي صغير ثروة
ضخمة، وهو لا يزال متعلقا باللعب؟
قلت: لو سلمت له لاشتراها كلها لعبا
ومفرقعات.
قال: هكذا فعلت حضارتنا عندما راحت تعلم
الأغرار كيف يصنعون المفرقعات، فراحوا يتنافسون فيها، ويهلكون الأخضر واليابس
بتنافسهم.
قلت: فما عساهم يفعلون ليجنبوهم اللعب
بالمفرقعات؟
قال: لقد بحثت في كل ما وصلنا من تراث في
الهدي الصالح الذي يمكن أن يجنب البشرية هذا النوع من المخاطر، ويمحض العلم للخير
المحض، فلم أجد ذلك إلا عند رجل واحد.. هو محمد a.
لعلك تذكر بأن المقياس الرابع الذي وضعته
لعلوم الإنسان الكامل هو النفع..
قلت: أجل.. وحق لك أن تضعه.. لقد كنت
أتصور أن العلم مطلوب لذاته، وشريف لذاته.. ولكني اليوم أدركت أنه آلة من الآلات..
وأنه أحيانا كثيرة قد يكون سما قاتلا، أو سيفا جارحا.
قال: ولهذا ربى رسول الله a ورثته على العلم النافع.. بل كان النبي a يستعيذ بالله من علم لا ينفع.. فقد كان
يقول: (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن
دعوة لا يستجاب لها)[1]
قلت: إن هذا النص الذي قرأته عجيب.. فقد
قرن محمد بين العلم الذي لا ينفع بالقلب الذي لا يخشع، والنفس التي لا تشبع..
وكأنه يشير بذلك إلى الآفات التي تنجر عن العلم الذي لا ينفع.