قلت: حدثني عن المنظومة التي وضعها محمد
لتجنيب المتعلمين مخاطر العلوم وأضرارها.
قال: الإسلام كله ـ بجميع تعاليمه ـ هو
تلك المنظومة.. إن الإسلام يبدأ بالنفس، فيطهرها من نوازع الشر التي قد تتحكم
فيها، فتحولها إلى ذلك الكلب الذي ضرب لنا القرآن الكريم مثله.
ولهذا، فإن أول ما يبدأ به المتعلم في
الإسلام هو غرس الإيمان في قلبه، وغرس الأدب والطهارة في سلوكه.. حتى يصير سلوكه
شجرة نافعة لا تنبت إلا الثمر الطيب.
وقد وصف بعض ورثة النبي a صفات العالم المهتدي بهدي النبي a والوارث له، فقال: (من صفته أن يكون لله
شاكراً، وله ذاكراً، دائم الذكر بحلاوة حب المذكور، يعد نفسه مع شدة اجتهاده
خاطئاً مذنباً، ومع الدؤوب على حسن العلم مقصراً، لجأ إلى الله فقوّى ظهره، ووثق
بالله فلم يخف غيره، مستغن بالله عن كل شيء، ومفتقر إلى الله في كل شيء، أنسه
بالله وحده، ووحشته ممن يشغله عن ربه، إن ازداد علماً خاف توكيد الحجة، مشفقٌ على
ما مضى من صالح عمله أن لا يقبل منه،همه في تلاوة كلام الله الفهم عن مولاه، وفي
سنن الرسول الفقه لئلا يُضيّع ما أمر به، متأدبٌ بالقرآن والسنّة، لا يُنافس أهل
الدنيا في عزها، ولا يجزع من ذلّها، يمشي على الأرض هوناً بالسكينة والوقار، قال
عز وجل:﴿ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى
عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ
رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ
لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)﴾ (الإسراء)[1]
وبما أن الدنيا بشهواتها هي الفخ الأكبر
الذي يقع فيه الدجالون من العلماء، فإن منهج