قلت: ولكني أرى البعض يتحدث في بعض
القضايا التي عرضها محمد، ويذكر أنها وليدة البيئة، وهي بالتالي لا تستحق أن تكون
من العلوم الثابتة التي يمكن أن يستفاد منها في كل ظرف، وفي كل حال.
قال: مثل ماذا؟
قلت: لقد ورد في بعض الأحاديث ما قد يتوجه له أهل العلم
بالنقد.. ففي الحديث أن بعضهم سأل محمدا عن الخمر، فنهاه عنها، فقال: إنما أصنعها
للدواء فقال: (إنه ليس بدواء ولكنه داء)[1]
فإن هذا الحديث قد انتقد من طرف المختصين الذين يعتبرون الخمر
علاجا لبعض الحالات المرضية.. وذلك مشتهر بين العامة.
قال: لقد ورد الحديث جازما بأن الخمر داء وليست دواءا.. ومحمد a لا ينطق من عنده، فكل ما ينطق به
تعليم إلهي، لقد قال الله تعالى:﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ
هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)﴾ (النجم).. فلذلك أنا أومن بما جاء في هذا
الحديث، وأتيقن تماما أن حقيقته إن لم تدل عليها الأدلة اليوم، فستدل عليها الأدلة
غدا.
قلت: أما إن قلت هذا.. فإني سأذكر لك علم كنت قد علمته يتعلق
بهذا.. لقد سمعت مرة محاضرة لطبيب مشهور هو الدكتور (أوبري لويس) وهو رئيس قسم
الأمراض النفسية في جامعة لندن قال فيها[2]: (إن الكحول هو السم الوحيد المرخص
بتداوله على نطاق واسع في العالم كله، ويجده تحت يده كل من يريد أن يهرب من
مشاكله.. ولهذا يتناوله بكثرة كل مضطربي الشخصية، ويؤدي هو إلى اضطراب الشخصية
ومرضها)