تلك المعلقات، سألني الباقر: ألا تلاحظ
شيئا مشتركا بين هؤلاء الذين مررت عليهم جميعا؟
قلت: هناك أشياء كثيرة مشتركة.. فأيها
تقصد؟
قال: التطور.. ألا ترى أن كل عبقري أو
عالم يمر بمراحل في حياته.. فهو في البدء يكون مبتدئا، وتكون له حينها أفكار وعلوم
قد تختلف اختلافا جذريا عن مراحل أخرى متقدمة في حياته..
وليس ذلك خاصا بأفراد العلماء فقط.. بل
هو يشمل الجماعات الكثيرة منهم.. فكل جماعة منهم تنتمي إلى مرحلة من المراحل..
وتلك المرحل تعبر عن توجه معين، يعقبه توجه أكثر منه تطورا..
قلت: ذلك صحيح.. فالإنسان كالنبات يبدأ
براعم صغيرة، فإذا ما تعهدها بالسقي نمت ونضجت..
قال: إلا من تعلم من الله.. فإنه لن
يحتاج إلى الزمن حتى ينضج.
قلت: كيف ذلك؟
قال: لأن السبب الذي جعل العالم لا يثبت
على آرائه التي كان قد رآها هو ما فتح له من العلوم التي كانت منغلقة عليه.. لكن
العلوم إن انفتحت له انفتاحا نهائيا، فإنه لن يحتاج إلى مراجعة ما رآه من آراء.
قلت: ولكن المسلمين يخبرون بأن في النصوص
ما نسخ.
قال: إن صح ما ذكروا.. فإن ذلك لا يتعلق
بالأخبار.. وإنما يتعلق بالتشريعات، والتشريعات قد تختلف البيئات فيها، فيختلف
الحكم بسبب ذلك.. ثم إن ما ذكر من التشريعات المخصوصة لا يعدو قضايا بسيطة هي في
نفسها محل خلاف..
أما أنا.. فقد بحثت فيما ذكروا، فلم أجد
أي شيء مما يذكرونه من النسخ.. فكل النصوص التي قالها محمد a، أو التي نقلها عن ربه.. كلها محكمة
ثابتة لا تزيدها الأيام إلا