المحل نمارس من أسباب الحياة إلا ما نضطر
إليه.. فلم نكن ننام أو نأكل إلا قليلا..
وقد ذقت في ذلك المحل ـ مع كوني لم أسلم
بعد ـ من الأذواق ما لا يستطيع أحد في الدنيا التعبير عنه.
الدعاء
ذات يوم.. وبعد أن امتلأت بمعاني الأذكار، وأدركت سر كمالها
وجمالها، سألته أن يعلمني كيف أتصل بالله لأعرض عليه من الحاجات ما لا يمكن أن
يعرض على غيره، فقال: لقد ترك لنا محمد a من ذلك ثروة عظيمة تغطي كل الحاجات، ما دق منها وما جل، وما لا
يمكن أن يعرض إلا على الله، وما يمكن أن يعرض على غيره.
قلت: فحدثني عنها.
قال: يمكنك أن تصنفها إلى ثلاثة أصناف.
الاستعاذة:
قلت: فما أولها؟
قال: الاستعاذة.. فبالاستعاذة تلتجئ إلى الله فارا من كل ما
تخاف على نفسك منه.
قلت: فما أثر عن محمد في هذا الجانب؟
قال: لقد أثر عنه الكثير.. منه العام المطلق الذي يستغرق
الحاجات الكثيرة.. ومنه الخاص المقيد بالحاجات المحدودة.
قلت: فعلمني من علوم ذلك ما أدرك به ما ذكرت.
قال: لقد استعاذ محمد a من أشياء كثيرة، فقد استعاذ من الكسل، وسوء القضاء ودَرْك
الشقاء، وشماتة الأعداء، وجَهْد البلاء، والعجز والهرم والمأثم والمغرم، وشر ما
خلق الله، وضَلْع الدَّين وغَلَبة الرجال، وشر الغنى والفقر والقلة والذِّلَّة،
وزوال النعمة وتحويل العافية،