وتوفَّني إذا علمت الوفاة خيراً لي، اللهم وأسألك خشيتَك في
الغيب والشهادة، وأسألك كلمةَ الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر
والغنى، وأسألك نعيماً لا ينفد، وأسألك قُرَّةَ عينٍ لا تنقطع، وأسألك الرضاء بعد
القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوقَ إلى
لقائك، في غير ضرَّاءَ مُضِرَّةٍ ولا فتنةٍ مُضِلَّة، اللهم زيِّنَّا بزينة
الإيمان واجعلنا هُداةً مهديين)[1]
قال جعفر: فبم يختم المؤمن صلاته؟
قال الصبي: بالسلام.. فلا يمكن للعبد أن يقترب من الله شبرا،
ونفسه مملوءة بالصراع..
قال جعفر: لم خص السلام بذلك الوقت؟
قال الصبي: لقد كان العبد عند صلاته في حضرة ربه.. فإذا ما خرج
منها استقبله الخلق.. ومن الأدب أن يلقي عليهم التحية.. ولا تحية في الإسلام إلا
السلام.
أو أن العبد في صلاته تطهر من الصراع الذي كان يضع الحجب بينه
وبين خلق الله، فلذلك يبادر فيلقي عليهم السلام مؤذنا بنهاية الصراع.
لقد قال رسول الله a يشير إلى ذلك: (مفتاحُ الصلاة الطُّهور، وتحريمُها التكبير،
وتحليلُها التسليم)[2]
قال جعفر: عرفنا ما يقال أثناء الصلاة.. فما يقال بعدها؟
قال الصبي: من امتلأ بمعاني العبودية في الصلاة ظهر أثرها عليه
بعدها.. ألا ترى
[1] عن السائب قال: صلى بنا عمار بن ياسر صلاةً فأوجز فيها، فقال
له بعض القوم: لقد خفَّفتَ أو أوجزتَ الصلاة، فقال: أمَّا على ذلك فقد دعوتُ فيها
بدعوات سمعتهنَّ من رسول الله r، فلما قام تبعه رجل من القوم هو أُبيٌّ غير أنه كنى عن
نفسه، فسأله عن الدعاء، ثم جاء فأخبر به القوم: اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على
الخلق أَحْيِني.. واجعلنا هُداةً مهديين) رواه النَّسائي، ورواه أحمد ولكن سقطت
منه عدة ألفاظ.