نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 426
بمشاهدة التجليات الكبرى لاسم الله (الحكيم) جل جلاله في
الاشياء، وهي تجليات تدبير، وتربية، ورعاية. وبرؤية هذه التجليات في منافع الاشياء
ومصالحها تصبح تلك الحكمة حكمة حقاً، أي باستنادها الى ذلك الاسم (الحكيم) والى
ذلك الظهير تصبح حكمة فعلاً، وإلاّ فإما أنها تنقلب الى خرافات وتصبح عبثاً لا طائل
من ورائها أو تفتح سبيلاً الى الضلالة، كما هو الحال في الفلسفة الطبيعية المادية)
ويذكر علة مهمة لذلك غابت عن العلوم الحديثة، فأغرقتها في
الجزئية، وأبعدتها عن جمال الوحدة والتناسق والكمال، فقال: (إن نظر النبوة
والتوحيد والايمان يرى الحقائق في نور الالوهية والآخرة ووحدة الكون لأنه متوجه
اليها، أما العلم التجريبي والفلسفة الحديثة فانه يرى الامور من زاوية الاسباب
المادية الكثيرة والطبيعة لأنه متوجه اليها، فالمسافة اذن بين زاويتي النظر بعيدة
جداً. فرب غاية عظيمة جليلة لدى اهل الفلسفة تافهة وصغيرة لا تكاد ترى بين مقاصد
علماء اصول الدين وعلم الكلام. ولهذا فقد تقدم اهل العلم التجريبي كثيراً في معرفة
خواص الموجودات وتفاصيلها واوصافها الدقيقة في حين تخلفوا كثيراً حتى عن ابسط
المؤمنين وأقلهم علماً في مجال العلم الحقيقي وهو العلوم الإلهية السامية والمعارف
الاخروية)
قلت: ربما يكون الغزالي والنورسي وغيرهما
تأثرا في ذلك بنا وبالفلسفة اليونانية التي كانت مهتمة بالعلوم.
قالت: لا.. لم يستمد الغزالي ولا النورسي ولا جميع علماء
الإسلام هذه المعاني النبيلة إلا من القرآن..
فالقرآن يشير إلى هذه الناحية، ويعتبرها من تمكين الإنسان في
الأرض، ففيه عن ذي القرنين:﴿
إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً﴾ (الكهف:84)
بل إن القرآن نوه بأنواع الصناعات، وقد كانت محتقرة في الجاهلية لا يقوم بها
إلا العبيد
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 426