نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 405
قلت: فكيف بدأ ذلك؟
قالت: لم يبدأ ذلك دفعة واحدة بطبيعة الحال.. لقد انفصلت
الفلسفة عن الدين بادئ ذى بدء ونبذت البحث فيما وراء الطبيعة كما كانوا يطلقون على
أمور الغيب المتعلقة بالله وخلقه لهذا الكون، والغاية من هذا الخلق، والوحى
الربانى المتضمن للقيم الدينية التى ينبغى أن يتبعها الإنسان من أجل الخلاص فى
الآخرة.
واتجهت الفلسفة إلى دراسة الطبيعة والكون المادى، والإنسان
باعتباره كائنا موجودا فى الطبيعة، لا بوصفه كائنا قد خلقه الله لغاية معينة وهدف
يؤديه.
وكان التقدم العلمى الذى حدث منذ بدء النهضة أحد العوامل الهامة
التى ساعدت على اتجاه الفكر الأوربى ذلك الاتجاه من خلال المذهب العقلى والتجريبى.
وقد بدأ ديكارت ـ أولا ـ بتطبيق المنهج العقلي في الفكر
والحياة، واستثنى من ذلك الدين والعقائد الكنسية والنصوص المقدسة، وكان يرى أن
ميدان العلم الطبيعة، وموضوعه استغلال القوى الطبيعية وأدواته الرياضة والتجربة،
ويختص الدين بمصائر النفس في العالم الآخر، ويعتمد على الاعتقاد والتسليم، فلا
مضايقة بين العلم والدين، ولا سلطان لاحدهما على الآخر [1].
[1] العلم والدين في الفلسفة المعاصرة:
اميل بوترو / 19، وتتلخص نظريته في الاعتقاد بوجود منبعين للتصورات: احدهما
الاحساس, فنحن نتصور الحرارة والنور والطعم والصوت لأجل احساسنا بذلك كله, والآخر
الفطرة بمعنى أن الذهن البشري يملك معان وتصورات لم تنبثق عن الحس وإنما هي ثابتة
في صميم الفطرة, فالنفس تستنبط من ذواتها.
وهذه التصورات الفطرية عند
(ديكارت) هي فكرة (الله والنفس والامتداد والحركة) وما إليها من أفكار تتميز
بالوضوح الكامل في العقل البشري.وهذه الازدواجية الديكارتية وجدت لها نظيراً في
منهج بيكون التجريبي الذي قال عنه أندرسن:( إن أعظم مآثر بيكون الفصل بين العلم البشري والوحي الإلهي )، فعند بيكون يمكن أن تكون أي قضية
خاطئة تماماً في نظر العقل، ولكنها صحيحة تماماً لأنها نظر الدين.
والواقع أن
المذهب الازدواجي ليس إلا مرحلة طبيعية في سلم التدرج من الإيمان المطلق بالوحي
إلى الإنكار المطلق له (راجع: مدخل الى فلسفة ديكارت ـ سلسلة المكتبة الفلسفية رقم
5 منشورات عويدات)
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 405