نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 344
المدينة، وكان رئيسا في قومه طيئ، وأبوه حاتم الطائي المشهور
بالكرم، فتحدَّث الناس بقدومه، فدخل على رسول الله a وفي عنق عَدِيّ صليب من فضة، فقرأ
رسول الله a هذه
الآية:﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ
وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ قال: فقلت: إنهم لم يعبدوهم. فقال: (بلى،
إنهم حرموا عليهم الحلال، وأحلوا لهم الحرام، فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم)[1]
لقد وقع هذا الذي أخبر به محمد.. وأخبر به قبله القرآن..
لقد نصب رجال الدين أنفسهم أنداداً لله، وقد ترتب على هذا آثار
سيئة للغاية أخطرها احتكار رجال الدين لحق قراءة وتفسير الإنجيل، ثم مهزلة صكوك
الغفران، ثم الانشقاقات الدينية المتوالية التي دمرت الحياة بصفة عامة، وأخيراً
كان هذا المبدأ إحدى الحجج التي سلها ملاحدة القرن السابع عشر فما بعد،في وجه
الأديان عامة والمسيحية خاصة.
يقول العالم الفرنسي الذي اعتنق الإسلام (ناصر الدين دينيه): (الوسيلة هي إحدى كبريات المسائل التي فاق
بها الإسلام جميع الأديان، إذ ليس بين الله وعبده وسيط وليس في الإسلام قساوسة ولا
رهبان، إن هؤلاء الوسطاء هم شر البلايا على الأديان وإنهم لكذلك مهما كانت عقيدتهم
ومهما كان إخلاصهم وحسن نياتهم، وقد أدرك المسيح نفسه ذلك، ألم يطرد بائعي
(الهيكل) غير أن أتباعه لم يفعلوا مثلما فعل، واليوم لو عاد عيسى فكم يطرد من
أمثال بائعي الهيكل؟
ويقول: (كذلك ما أكثر البلايا والمصائب، بل ما أكثر المذابح
والمجازر التي يكون سببها هؤلاء الوسطاء، سواء كانت بين العائلات وبعضها أو بين
الشعوب والشعوب، وهم في ذلك كله يصيحون: باسم مجد الله)[2]
[1] رواه الترمذي، وقال:( هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من
حديث عبد السلام بن حرب وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث.