responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 221

بل إنهم جاءوا كذلك فرادى بلا أسر.. فقد كان الجيل الأول من العمال النازحين من الريف يتحسسون الطريق فى المدينة، فلا يحضرون معهم أسرهم حتى يطمئنوا أولاً إلى الجو الذى يعيشون فيه، وكان معظمهم من الشبان العزاب الذين لم يرتبطوا بعد برباط الزواج..

وهكذا أحس كل إنسان فى المدينة بفرديته المتميزة أكثر مما أحس بالرباط الجمعى..

ثم عملت المرأة.. وأحست كذلك بفرديتها وحريتها..

لقد كانت من قبل هملاً لا وجود له ولا كيان ولا استقلال، مجرد تابع للرجل، تعيش عن طريقه اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً وفكرياً.. وكل شىء.. فلما اشتغلت حدث فى نفسها انقلاب، وصار فى يدها مال تملكه ملكاً حقيقياً، مباشراً، كاملاً، تستطيع أن تتصرف فيه كما تشاء.

وتعاملت ـ بشخصها مباشرة ـ مع المجتمع، فى المصنع والمتجر والطريق..

وتعاملت مع الرجل ـ أو بدأت ـ إن لم يكن على أنها ند له، فعلى الأقل على أنها لم تعد ذلك التابع الذى لا كيان له، وإنما صارت كائناً يحاول أن يصل إلى مستوى الرجل وينازعه السلطان..

وفى كل ذلك برزت فرديتها التى لم يكن لها وجود من قبل..

واشتغل الأطفال كذلك.. وبرزت ـ رويداً رويداً ـ لهؤلاء الصغار فردية متميزة، يكتسبونها من عرك العمل لهم منذ طفولتهم، ومن العملة القليلة التى تتحصل فى أيديهم..

وهكذا صار الجميع أفراداً متميزى الفردية.. تحرر بعضهم من بعض..

قلت: وما الخطر في ذلك.. إن الحياة لا تستقيم إلا بهذه الفردية..

قال: ولكن الفردية التي ولدت في ذلك الوقت كانت انحرافا خطيرا.. ذلك أنها ولدت في ظل الجاهلية المنحرفة..

لقد ذاق هؤلاء جميعاً فرديتهم المستقلة (المتحررة) من غير طريقها السوى، الذى كان

نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 221
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست