نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 220
نظر إلى الشجرة بعمق، ثم قال: هل ترى هذه الشجرة المسكينة التي
تتنفس السموم، وترضع من المستنقعات.
قلت: ما بها؟
قال: هذه هي نهاية الحرية التي نادى بها أولئك الشياطين الذين
اعتلوا عرش البشرية.
قلت: إن ما تقوله خطير جدا.
قال: وصادق جدا.. الحرية التي يريدها أولئك الشياطين هي أن
تتمرد هذه الشجرة على جميع الغابة التي ولدت في أحضانها لتشرب غير الماء الذي
تشربه، وتأكل من غير الكلأ الذي تأكل منه.
إن أول ما فعلته تلك الثورة التي أعلنت الحرية أن بترت الإنسان
عن الإنسان، لأنها تصورته قيدا يكبت حرية الإنسان.
وقد بدأت ذلك بتحريره من الله.. أو بعزل الله عن حياته.
ثم كان الانقلاب الصناعى[1] الذى أتى على بقية ما كان من
بنيان.. لقد أحدث هذا الانقلاب تغيراً كاملاً فى صورة المجتمع.. فى كل شىء فيه..
وكان عاملاً من أهم العوامل فى التركيز على (فردية) الإنسان..
لقد جاء العمال من الريف فرادى.. غير متعارفين ولا مترابطين،
وسكنوا فى المدينة كذلك فرادى.. لا يلتقون إلا فى زمالة العمل وحده، ولكن لا تقوم
بينهم الروابط التى كانت تقوم بين الفلاح وأخيه فى الريف، حيث الناس متعارفون،
متعاونون، تربطهم القرابة والمصاهرة والجوار ودوام الاتصال.. والتقاليد المشتركة
التى توحد كيانهم من الداخل فيلتقون متعارفين بالمشاعر والأفكار.
[1] انظر كتب سيد قطب ومحمد قطب، خصوصا
(مذاهب فكرية معاصرة).
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 220