نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 218
قلت: فهل تتصور تلك الجماهير البسيطة من الفلاحين والعمال الذين
قهوهم الإقطاع قد قرأوا أفكار روسو، وانتقادات فولتير، ليقوموا بالثورة؟
قال: ربما لم يقرأوا.. ولكنهم قد قرأوا الواقع.. قرأو مخازي
الكرادلة والقساوسة وفضائحهم وثراءهم البازخ.. ورأو بأعينهم ما عبر عنه توماس
جفرسن بقوله: (إن القسيس في كل بلد، وفي كل عصر من أعداء الحرية، وهو دائماً حليف
الحاكم المستبد يعينه على سيئاته في نظير حمايته لسيئاته هو الآخر)[1]
وكان كل ذلك مدعاة لأن تصب الجماهير جام غضبها على الكنيسة،
وتصرخ خلف (ميرابو): (اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس)
قلت: أرانا انشغلنا بالحديث عن الثورة الفرنسية عن حقوق
الإنسان.
قال: لا.. لم ننشغل.. لابد أن نفهم كل هذا حتى نعي معنى حقوق
الإنسان التي نادت بها الثورة الفرنسية، والتي اعتبرت بعد ذلك دستورا لحقوق
الإنسان.. فلا يمكن مقارنة ما جاء به الإسلام إلا بعد أن نعرف ما جاءت به هذه
الثورة التي زعم لها أنها أول من نادى بحقوق الإنسان.
قلت: أنا إلى الآن لم أعرف كيف دخلت فكرة حقوق الإنسان إلى
الثورة الفرنسية..
قال: لا يزال ذلك لغزا.. أو قريبا من اللغز.. ذلك أن تلك
الجماهير كان يمكن ككل الثورات أن تكتفي بالإنجازات البسيطة.. ولكنها لم تكتف
بذلك.
لم تكتف الثورة بمصادرة أملاك الكنيسة.. أو القضاء على نفوذها..
لتظل بعد ذلك مؤمنة بدينها، وفيه لتاريخها، متمسكة بتقاليدها العريقة، لولا أنه
وجد عامل آخر قلب أهداف الثورة وحول خط سيرها.