responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 189

قال: ولكن الخلل الفكرى الذي حدث فى حياة أوروبا فى ظل سيطرة الكنيسة الفكرية هو الذى رشح للهزة التى أصابت هذا الفكر يوم أطلقت عليه فكرة التطور، فقد كان كل شئ فى حس أوروبا المسيحية الكنسية ثابتا منذ الأزل، وسيظل ثابتا إلى الأبد.. ليست فكرة الألوهية فقط هى التى ينطبق عليها تصور الثبات، ولا القيم الدينية والأخلاقية وحدها، ولكن الجبال والشجر والحيوان والطير، والأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. وكل شئ فى الحياة.

البابا هو البابا ذو القداسة، يذهب واحد ويجئ آخر، والبابوية ذاتها وقداستها أمر ثابت لا يتغير..

الملوك والأباطرة هم الملوك والأباطرة.. يذهب منهم من يذهب ويجئ من يجئ.. ولكن الملكية ذاتها أمر ثابت لا يتغير..

الإقطاع هو الإقطاع.. يذهب أمير ويجئ أمير.. بنفس الصورة، ونفس المعاملة، نفس السيادة من جهة، والعبودية من الجهة الأخرى.. وكلها أمور ثابتة لا تتغير.

من ثم غلب على الفكر الأوروبى المسيحى الكنسى تصور الثبات فى كل شئ.

فلما وقعت الثورة الفرنسية وأزالت الإقطاع والملكية، وزلزلت نفوذ الكنيسة كان ذلك حدثا حادا فى تاريخ أوروبا أثر تأثيرا عميقا فى كل اتجاه، ولكنه كان قمنا ـ بعد فترة من الزمن ـ أن يفقد حدته، ويستقر على صورة فيها لون من الثبات.

ولكن دارون جاء، فأطلق قذيفته على أمر لم تهزه حتى الثورة الفرنسية ذاتها، التى زلزلت كثيرا من الأوضاع فى أوروبا، فقال: إن الخلق ذاته غير ثابت، وإن الإنسان لم يكن إنسانا حين وجد أول مرة بل كان شبيها بالحيوان.

وفي ذلك الوقت سارع المفسدون في الأرض إلى تولي هذه النظرية، بل وإخراجها من إطارها الضيق الذي وردت فيه، إلى إطار أوسع وأضخم..

نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 189
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست