نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 179
قال: لقد أناط الله بكل مخلوق في كل محل من
المحال، وفي كل زمن من الأزمان وظيفة ألزمه بأدائها، فإذا أداها كما ينبغي من غير
غش ولا خداع ولا خيانة ولا احتيال كان أمينا.
ألا ترى كيف أن ابنة الشيخ الصالح سمت موسى أمينا من غير أن
تودعه أي وديعة، فقالت لأبيها:﴿
يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ (القصص:26)؟
قلت: فكيف عرفت أمانته؟
قال: لقد كان الموقف الذي وقفه موسى يقتضي
إعانة الفتاتين الضعيفتين، ولو قصر في ذلك كان خائنا..
نظرت إلى الأزهار، وقلت: فهل تحققت الأزهار
بهذا؟
قال: أجل.. لقد أنيط بها أن تكون متعة للعين
وراحة للنفس ولذة للشم.. وهي تؤدي كل ذلك بكل تفان من غير أي تقصير.
قلت: فما أمانة البشر؟
قال: لقد ذكر القرآن أن الله حمل البشر
أمانة عظيمة عجزت السموات والأرض عن حملها، فقال:﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا
وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ (الأحزاب:72)
قلت: فما هذه الأمانة؟
قال: أمانة الخلافة.. لقد ذكر القرآن أن
الله خلق الإنسان لأجل الخلافة.
قلت: فما الخلافة؟
قال: لها جهتان: جهة إلى الله تستدعي
التسليم له ومحبته وطاعته المطلقة، وجهة إلى الخق تستدعي التعامل معهم وفق ما
يقتضيه العدل والرحمة.
وقد ذكر القرآن الجهة الثانية، فقال عن داود:﴿ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً
فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى
فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ
اللَّهِ
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 179