مجتمعاتنا.

لقد كانوا ينشرون إيحاء عاما في المجتمع بأن المرأة مخلوق شيطانى دنس ينبغى الابتعاد عنه.. وكانوا يرون أن الزواج ضرورة غريزية حيوانية للعامة، ولكن السعيد الأتقى من استطاع أن يرتفع عنها ولا يتزوج[1].

لقد قال أحد رجال الكنيسة لتلاميذه مرة: (إذا رأيتم امرأة فلا تحسبوا أنكم ترون كائناً بشرياً، بل ولا كائنا وحشياً، وإنما الذى ترون هو الشيطان بذاته والذى تسمعون هو صفير الثعبان)[2]

وقد عبرت (رأى ستراتشى) إحدى المطالبات بحقوق المرأة فيما بين الحربين، عن موقف الرهبانية، فقالت: (يستفاد من النظرية التى أوصت بهذا التطاول عن المرأة أن الشهوة الجنسية هى أشنع الخطاياً جميعاً، وأنها كانت فى الحقيقة الخطيئة التى سببت سقوط الإنسان، وإن العفة الكاملة هى أعلى مثل فى الحياة وأنه يجب أن يلعن النساء لأنهن سبب الغواية، وكان يقال أن الشيطان مولع بالظهور فى شكل أنثى وأنه طالما زار النساك بهذه الصورة فى كهوفهم الجبلية وصفوة القول أن مجرد التفكير فى النساء كان خطراً وأن المرأة نفسها كان نحساً من النحوس)[3]

ومضت الأمور على ذلك حيناً طويلا: مباذل شنيعة بشعة فى الإمبراطورية الرومانية على اتساعها، ورهبانية واسعة الآفاق على حدود الصحارى، وفى داخل المدن، فراراً من الفساد.

لقد ذكر (ليكى) فى كتابه (تاريخ الأخلاق فى أوروبا) تأثير سلوك الرهبان السلبي في

[1] انظر: جاهلية القرن العشرين، لمحمد قطب.

[2] أشعة خاصة بنور الإسلام: 29.

[3] تاريخ العالم: 1/297.