نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 12
كانت تراودني ذلك الصباح ـ كما كانت
تراودني كل حين ـ هذه الخواطر..
وكيف لا تراودني، وأنا أتغذى عليها في
اليوم عشر مرات.. ففي كل نشرة أخبار لا أسمع إلا أخبار قومي الذين ينتشرون من
المشرق إلى المغرب.. وفي كل نشرة أخبار لا يقتل إلا قومي، ولا يقهر إلا قومي، ولا
يموت من الجوع إلا قومي.
ولست الوحيد في تلك الآلام.. بل كل من
أراه كان يتألم ألمي.. ومنهم من كان يود أن ينسلخ من جلده، ليتحول فرنسيا أو
إنجليزيا أو ألمانيا.. فإذا لم يطق ذلك حاول أن يلوي لسانه لينطق بما حفظه من
الأفلام الأجنبية، ثم يلبس ما رآه من ألبستها، ويسير في الشوراع كما يسيرون، ويصفر
ويصفق كما يصفرون، وكما يصفقون.
في ذلك الصباح.. وبذلك العقل
المتألم، وبتلك النفس المملوءة خجلا، سمعت طرق الباب.. فرحت أهرع إليه لأفتحه..
وبمجرد فتحه دخل رجل غريب ممتلئ بالأنوار، قاصدا البيت الذي تعود أن يزورني فيه
الغرباء، وكأن له به معرفة، وكأنه معي على ميعاد.
دخل مسرعا، وخلع حذاءه، ثم
استلقى على قفاه، وراح يقول:: هيا أسرع بالفطور.. فالجوع يعصر بطني .. لم أصل إليك
إلا بمشقة وعسر.
تعجبت من هذا الغريب الذي لم
يستأذن.. لكني رجوت أن يكون مثل من سبقه من الغرباء الذين ملأوا قلبي بالأشعة
الجميلة من شمسه a.
لذلك أسرعت إلى المطبخ أبحث له
عن الطعام الذي طلبه.. لكني لم أجد إلا حبات تمر، وكوب لبن، وكسرة خبز.. فرحت
أقدمها له، وجبيني يتقطر حياء، وأنا أقول له: اعذرني.. فهذا ما تعودنا على أكله،
فأرجو أن تتحمل حياتنا البسيطة، فنحن لا نزال نعيش الحياة البدائية.
اعتدل في جلسته، ثم ابتسم، وقال:
أليست هذه هي الحياة التي كان يعيشها رسول الله
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 12