نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 101
ليسألوا الله أن يمدهم من العمر
ما أمدها.
عندما رأيتها لم أصدق أنها شجرة
عجوز، فقد كانت نضارة الشباب تملؤها، فأوراقها لا تزال غضة طرية، وسيقانها الجديدة
تضاهي سيقان أصغر الأشجار وأرقها، وثمارها لا تزال تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
ولكن ما أكد لي هذا العمر الطويل
الذي رزقها الله إياه هو ضخامة أصولها، وامتداد جذورها، وتعالي هامتها، ورسوخها
الشديد في أرضها، فهي لا تهزها العواصف، ولا تعبث بها الأعاصير، ولا تميد بأغصانها
الرياح.
وفوق ذلك، فقد اكتسبت مقاومة
فعالة ـ لست أدري مصدرها ـ ضد كل تلك الحشرات الضارة التي عبثت بصحة نظيراتها،
فأسلمتها إلى الموت المحتوم.
هناك رأيت (جابرييلي فرانشيسكو)
المستشرق الإيطالي، جالسا على عشب تلك الحديقة، يحدق بشدة إلى تلك الشجرة، وكأنه
يرى في أوراقها وأغصانها وهامتها ما لا يرى سائر الناس.
فرحت فرحا شديدا للقائه، فحييته
باللغة العربية، لأنال فرصة الحديث معه، فقد كنت أعلم هيامه الشديد بها.
عندما سمعني أتحدث بالعربية، طلب
مني أن أجلس بجانبه، فجلست، وبدأ يسألني عني، فذكرت له ما أذن لي في ذكره، وحجبت
عنه ما نهيت عن ذكره.
قلت له بعدها: أراك مستغرقا في
هذه الشجرة، أتتذكر فيها شبابك؟
قال: لا.. أتذكر فيها رجلا غرس
شجرة لا تختلف كثيرا عن هذه الشجرة.. لقد غرسها منذ قرون طويلة، ومع ذلك لا تزال
غضة طرية ممتلئة شبابا.
مرت عليها الأعاصير.. كل
الأعاصير.. فلم تجتثها.
أصيبت الأرض بجانبها بالزلازل،
ولكن أرضها لاتزال مستقرة ثابتة.
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 101