شكور. لا يحيف على من يبغض. ولا يأثم فيمن يحب. ولا يدعي ما ليس له ولا
يجحد حقا هو عليه. يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه. ولا يضيع ما استحفظ. ولا ينسي ما
ذكر. ولا يتنابز بالالقاب. ولا يضار بالجار. ولا يشمت بالمصائب. سريعا إلى الصلوات
مؤديا للامانات. بطيئا عن المنكرات. يأمرون بالمعروف وينهى عن المنكر. لا يدخل في
الباطل ولا تخرج من الحق. إن صمت لم يغمه صمته. وإن نطق لم يقل حظه. وإن ضحك لم
يعل صوته قانع بالذي هو له. لا يحمح به الغيظ ولا يغلبه الهوى ولا يقهره الشح.
يخالط الناس ليعلم. ويصمت ليسلم. ويسأل ليفهم. ويتجر ليغنم. ولا يعمل الخير ليفخر
به. ولا يتكلم به لتتجبر به على من سواه. وإن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو الذي
ينتقم له. نفسه منه في غناء. والناس منه في راحة أتعب نفسه لآخرته، وأراح الناس من
نفسه. بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة. ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة. ليس تباعده
تكبرا وعظمة، ولا دنوه لمكر ولا خديعة) [1]
^^^
بعد أن سمعت هذه الكلمات العذبة الممتلئة بالأنوار امتلأت بهمة عظيمة
دفعتني لأن أسير إلى هذه الإمام، والدموع تنهمر من عيني، وأنا ممتلئ بأشواق عظيمة.
ما إن رآني الإمام حتى قال: مرحبا بالتائب الذي يبحث عن الطهارة.
قلت: أنا بين يديك.. ولعل الله أطلعك من شأني ما يكفيني هم السؤال.
قال: أنت تبحث عن الترقي.. والترقي لا يكون إلا بالتصحيح.. فسر إلى
أولياء القتيل.. وأخبرهم خبرك.. وكل ما فعلوه بك، فاعلم أنه مراد الله فيك.
[1] هذه الخطبة الجليلة مروية عن علي
وقد ورد في خاتمتها أن هماما لما سمع هذه الموعظة صعق صعقة كانت نفسه فيها.. فقال
علي أما والله لقد كنت أخافها عليه. ثم قال: هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها.
فقال له قائل: فما بالك أنت يا أمير المؤمنين؟ فقال: (ويحك إن لكل أجل وقتا لن
يعدوه وسببا لا يتجاوزه. فمهلا لا تعد لمثلها، فإنما نفث الشيطان على لسانك)