عليه، كمن أتلف في الدنيا مالاً فجاء بمثله فامتنع من له المال من
القبول وعن الإبراء فإن الحاكم يحكم عليه بالقبض منه شاء أم أبى، فكذلك يحكم في
صعيد القيامة أحكم الحاكمين وأعدل المقسطين.
الترقي
بعد أن عرفت ما عرفت من أسرار التصحيح تاقت نفسي لمعرفة أسرار الترقي..
وقد دفعني إلى ذلك شعوري أن المكتفي بتصحيح ما وقع فيه من أخطاء دون مواصلة السير
إلى ربه محجوب برؤية ذنوبه عن رؤية ربه..
وحينما خطر هذا الخاطر على خاطري رحت أسرع إلى الفضيل لأقول له: لقد
أصبحت جاهزا للمرحلة الأخيرة، فحدثني عنها.
نظر إلي مبتسما، وقال: هل امتلأت نفسك بهمة المريدين الذين لا يقر لهم
قرار دون السير إلى مولاهم.. أولئك الذين نعتهم ربهم، فقال وهو يخاطب نبيه a في شأنهم:﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ
رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ
عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا
قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾
(الكهف:28)
قلت: لا أدعي لنفسي هذه المرتبة السنية.. ولكني مع ذلك أشعر أنها أحب
الأشياء إلى نفسي.. فمن الغبن أن يتوقف المسافر عن سفره لضر أصابه.
قال: المحبة بذر الإرادة.. فأبشر..
قلت: فإلى أي محل سنسير؟
قال: سأسير بك إلى ولي من أولياء الله.. كان قمة من قمم الصفاء.. وروضة
من رياض الفضيلة.. ومعراجا من معارج أهل الله للسير إلى الله.. وهو فوق ذلك كله
باب مدينة