في اليوم التاسع.. سرت إلى سجن من السجون بعد أن سمعت أن بعض أصحابنا
ذهبوا إليه ليقنعوا السجناء بقساوة الإسلام في تعامله مع المذنبين.. وقد قدر الله
أن أرى في زيارتي تلك من الأشعة ما نسخ كثيرا من الظلمات التي كانت تقبع فيها
روحي.
سأحدثك من البداية..
عند اقترابي من باب السجن هرول إلي بواب السجن، وهو يقول، والبشر يطفح
على وجهه: أبشر.. حضرة الأب هنا.. وهو يعظ أهل السجن.. ويوشك أن يتحولوا جميعا إلى
المسيحية ليتطهروا بالطهارة التي لم يظفروا بها في الإسلام..
ابتسمت شاكرا له، وقد تذكرت بموقفه هذا تلك الحماسة التي كان يبديها
(المبشر بولس) الذي ذكرت قصته في روايتك (المعجزات الحسية)
عندما دخلت القاعة المعدة للمحاضرة وجدت جميع السجناء ينصتون باهتمام لما
يحدثهم به ذلك الأب الذي يريد أن ينشر فيهم من المعاني ما أعلم تمام العلم أنه لم
يكن مقتنعا به..
ولذلك كان التردد يبدو عليه.. وكان يكرر الكلمات.. ويعيدها.. وكأنه
يستعرض شيئا قد حفظه عن ظهر قلب، فهو يردده حرفا حرفا من غير أن يفهم له أي معنى،
أو يقتنع منه بأي معنى.
كان من ضمن ما سمعته منه قوله: لقد أرسلني المسيح إليكم لأنقذ أرواحكم من
تلك العقد التي يوقعكم فيها الإسلام حينما يشعركم بالذنب.. وحينما يملؤكم بالحزن
على ذنوبكم..
نحن في المسيحية لا نفعل ذلك.. نحن نملؤكم بالمسرة والسعادة حتى ولو كنتم
مذنبين.. بل نحن نبشركم بما بشرنا به بولس حين قال في رسالته إلى أهل رومية: (بر الله بالإيمان بيسوع
المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون. لأنه لا فرق. إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد
الله.