أشار إلى آخر، وقال: أما هذا، فاسمه زيد، وهو ينتسب إلى رجل عظيم منهم
اسمه (زيد بن حارثة)[1]
أشار إلى آخر، وقال: أما هذا، فاسمه سالم، وهو ينتسب إلى رجل عظيم منهم
اسمه (خباب بن الأرت)[2]
[1] هو (زيد بن حارثة) (ت8
هـ)، وهو صحابي اختطف في الجاهلية صغيرا، واشترته خديجة بنت خويلد فوهبته إلى
النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم حين تزوجها، فتبناه النبي
- قبل الاسلام - وأعتقه وزوجه بنت عمته.. واستمر الناس يسمونه (زيد بن محمد) حتى
نزل النهي عن ذلك، وهو من أقدم الصحابة إسلاما.. وكان النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم لا يبعثه في سرية إلا أمره عليها،
وكان يحبه ويقدمه، وجعل له الامارة في غزوة مؤتة، فاستشهد فيها.. ولهشام الكلبي
كتاب (زيد بن حارثة) في أخباره.
[2] هو خباب بن الأرت التميمي
وكنيته أبو يحيى وقيل أبو عبد الله، صحابي من السابقين إلى الإسلام، وهو من أوائل
من أظهر إسلامه، اشترته أم أنمار بنت سباع الخزاعية وقيل أنها أمه، وكانت حليفة لبني
زُهرة من قريش، فانتمى لهم وأسلم وكان من المستضعفين.
قال له بعض عواده وهو في مرض الموت :(أبشر يا أبا عبد
الله، فإنك ملاق إخوانك غدا) فأجابهم وهو يبكي: (أما إنه ليس بي جزع، ولكنكم ذكرتموني
أقواماً، وإخواناً مضوا بأجورهم كلها لم ينالوا من الدنيا شيئا، وإنا بقينا بعدهم حتى
نلنا من الدنيا ما لم نجد له موضعاً إلا التراب) وأشار إلى داره المتواضعة التي بناها،
ثم أشار إلى المكان الذي فيه أمواله وقال: (والله ما شددت عليها من خيط، ولا منعتها
عن سائل) ثم التفت إلى كفنه الذي كان قد أعد له، وكان يراه ترفا وإسرافا وقال ودموعه
تسيل :(انظروا هذا كفني، لكن حمزة عم رسول الله لم يوجد له كفن يوم استشهد إلا بردة
ملحاء، إذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه، وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه).
مات في السنة السابعة والثلاثين للهجرة. مات واحد ممن
كان الرسول يكرمهم ويفرش لهم رداءه ويقول :(أهلاً بمن أوصاني بهم ربي) وهو أول من دُفِنَ
بظهر الكوفة من الصحابة.
قال زيد بن وهب: (سِرْنا مع
علي حين رجع من صفّين، حتى إذا كان عند باب الكوفة إذْ نحن بقبور سبعة عن أيماننا،
فقال: (ما هذه القبور ؟) فقالوا: (يا أمير المؤمنين إنّ خباب بن الأرت توفي بعد مخرجك
إلى صفين، فأوصى أن يدفن في ظاهر الكوفة، وكان الناس إنّما يدفنون موتاهم في أفنيتهم،
وعلى أبواب دورهم، فلمّا رؤوا خباباً أوصى أن يدفن بالظهر، دفن الناس) فقال علي بن
أبي طالب:(رحم الله خباباً أسلم راغباً وهاجر طائعاً، وعاش مجاهداً، وابتلي في جسمه،
ولن يضيعَ الله أجرَ مَنْ أحسنَ عملاً) ثم دنا من قبورهم فقال: (السلام عليكم يا أهل
الدّيار من المؤمنين والمسلمين، أنتم لنا سلفٌ فارطٌ، ونحن لكم تبعٌ عما قليل لاحِقٌ،
اللهم اغفر لنا ولهم وتجاوز بعفوك عنا وعنهم، طوبى لمن ذكرَ المعاد وعمل للحساب وقنعَ
بالكفاف، وأرضى الله عزَّ وجلَّ)