وعن سهل بن سعد قال: جرح وجه رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
يوم أحد، وكسرت رباعيته، وهشمت البيضة على رأسه، فكانت فاطمة بنت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم تغسل الدم، وكان على بن أبى طالب يسكب عليها بالمجن، فلما رأت فاطمة أن
الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رمادا، ثم ألصقته
بالجرح فاستمسك الدم[2].
سكتت قليلا، ثم قالت: وعلى هذا الدرب سار كل المستضعفين من أتباعه.. لا
يثنيهم تهديد، ولا يهد من ثباتهم مخافة:
وكان منهم عمار بن ياسر وآل بيته الشهداء الطاهرين..
عن جابر أن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم مر بعمار بن ياسر وبأهله يعذبون في الله -
عز وجل - فقال: (أبشروا آل ياسر موعدكم الجنة)[3]
وكان منهم بلال بن رباح وغيره من الطيبين الطاهرين من قديسي هذه الأمة..
سكتت قليلا، ثم قالت[4] – وقد كستها
سحابة من الحزن العميق -: لن أطيل عليكم.. اسمحوا لي فقط أن أختم حديثي بنموذج
فريد في تاريخ الإنسانية.. مثله رجل من آل بيت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم..
قال فيه a، وكأنه يثني على هذا الدور البطولي الذي
مثله مع أهل بيته
[4] أوردنا هنا ـ باختصار ـ ما
وقع من تضحيات عظيمة في كربلاء باعتبارها رمزا من الرموز التي تدل على اهتمام
الصالحين من المسلمين ـ بدءا من آل بيت النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم ـ بقضايا العدل، ورفض الجور
والاستبداد.. وفي هذه القصة أعظم رد على علماء السلاطين الذين شرعوا للاستبداد،
وبرروا للمستبدين حورهم وظلمهم واستبدادهم.
وقد كان مصدرنا الأساسي في
هذه الأحداث التي أوردناها كتاب (الملهوف على قتلى الطفوف) لمؤلفه السيد رضي الدين
أبو القاسم علي بن سعد الدين المعروف بابن طاووس.