لا يارب، ولكن أشبع يوما، وأجوع يوما فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا
شبعت حمدتك وشكرتك)[1]
قال زويمر: ألا ترى أن هذه النصوص تحث على الكسل.. إنها تطلب من الفقير
أن يقنع بما عنده، ولا يتطلع إلى ما ليس عنده؟
قال أويس: لا.. هذه
النصوص لا تخاطب العضلات، فتقول لها: كفي عن العمل.. ولا تخاطب الاجتهاد لتقول له:
اركن إلى الكسل.. بل هي تخاطب نفس الإنسان التي لا تشبع، لتقول لها: كفي عن
أهوائك، فعندك ما يكفيك من فضل الله..
إنها تخاطب ذلك الخواء الذي في نفس الإنسان، والذي لا يملؤه إلا التراب..
والذي عبر عنه رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقال:(لو كان لابن آدم واد لأحب أن يكون له ثان، ولو كان له
واديان لأحب أن يكون إليهما ثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ثم يتوب الله
على من تاب)[2]
قال زويمر: وهي بذلك تقضي على أهم ما يحث على الكسب والعمل.. وتدعو
بطريقة غير مباشرة إلى الركون إلى الراحة والكسل.
قال أويس: إن مفهوم العمل في الإسلام أشرف من أن ينحصر في ملأ ما يقتضيه
الطمع والحرص.. ولذلك، فإن هذه النصوص لن تؤثر في جد الإنسان واجتهاده.. ذلك أن
الذي يحركه للعمل هو طلب مرضاة الله، لا طلب شهوات النفس..
لقد قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يعبر عن ذلك:(إن قامت الساعة وبيد أحدكم
فسيلة، فاستطاع ألا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها فله بذلك أجر)[3]