يقعد بك عن الصلاة والضراعة والابتهال أنك لست متديناً بطبعك، أو بحكم
نشأتك، وثق أن الصلاة سوف تسدي إليك عوناً أكبر مما تقدر، لأنها شيء عملي فعال،
تسألني: ماذا أعني بشيء عملي فعال، أعني بذلك أن الصلاة يسعها أن تحقق لك أموراً
ثلاثة لا يستغني عنها إنسان سرواء أكان مؤمناً أو ملحداً:
فالصلاة تعينك على التعبير بأمانة ودقة عما يشغل نفسك، ويثقل عليها، وقد
بينا فيما سلف أن من المحال مواجهة مشكلة مادامت غامضة غير واضحة المعالم، والصلاة
أشبه بالكتابة التي يعبر بها الأديب عن همومه، فإذا كنا نريد حلاً لمشكلاتنا وجب
أن نجريها على ألسنتنا واضحة المعالم، وهذا ما نفعله حيث نبث شكوانا إلى الله.
والصلاة تشعرك بأنك لست منفرداً بحل مشكلاتك وهمومك. فما أقل من يسعهم
احتمال أثقل الأحمال وأعسر المشكلات منفردين، وكثيراً ما تكون مشكلاتنا ماسة أشد
المساس بذواتنا فنأبى أن نذكرها لأقرب الناس إلينا، ولكننا يسعنا أن نذكرها للخالق
عز وجل في الصلاة.
والأطباء النفسيون يجمعون على أن علاج التوتر العصبي، والتأزم الروحي
يتوقف -إلى حد كبير- على الإفضاء بمبعث التوتر ومنشأ الأزمة إلى صديق قريب، أو ولي
حميم. فإذا لم نجد من نفضي إليه كفانا بالله ولياً.
والصلاة بعد هذا تحفزنا إلى العمل والإقدام، بل الصلاة هي الخطوة الأولى
نحو العمل، وأشك في أن يوالي امرؤ الصلاة يوماً بعد يوم، دون أن يلمس فائدة أو جدوى،
أو بمعنى آخر، دون أن يتخذ خطوات مثمرة نحو تحسين حالته، وتفريج أزمته، وقد قال
(الكسيس كاريل﴾ (مؤلف كتاب (الإنسان.. ذلك المجهول) - والحائز
على جائزة نوبل –:(الصلاة هي أعظم