استجمع الرضا أنفاسه، ثم نظر إلى الجمع، وقال: أنتم تعرفون أن الطريق
الأمثل للتعامل مع النصوص المقدسة والاستفادة منها هو الإلمام بها جميعا، لا ضرب
بعضها ببعض، أو تقديم بعضها على بعض.. فكلام الله وكلام رسوله a يكمل بعضه بعضا، ويدل بعضه على بعض.
لقد ذم الله تعالى من يأخذون ببعض الكتاب ويدعون بعضه، فقال مخبرا عن بني
إسرائيل مبكتا لهم:﴿ ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ
وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ
بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ
مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ
وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا
خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ
الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)﴾ (البقرة)
وأخبر أن في كلام الله ما يمكن أن يجد فيه أصحاب القلوب الزائغة ما
يملؤهم بالفتنة إذا هم لم يجمعوا بين محكمه ومتشابهه، فقال:﴿ هُوَ الَّذِي
أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ
وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ
فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ
تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي
الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ
إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)﴾ (آل عمران)
ولهذا، فإن الله تعالى يدعونا في جميع أمورنا إلى أن نأخذ بالإسلام كله،
وهو يعني أن نجمع بين مقتضيات جميع النصوص، فلا يفهم مراد الله من عباده إلا بها
جميعا.. قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي
السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ
عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ
الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209)﴾ (البقرة)
قال ذلك، ثم التفت إلى الدكتور منجل، وقال: إنك – حضرة الدكتور – أتيت من هذا الباب.. ذلك أنك أخذت بعض
النصوص، فتصورت أنها تمجد المرض والبلاء، وأنها تدعو – بذلك - المريض إلى السكون إلى مرضه، وعدم مواجهته.. وهذا خطأ كبير..
فالنصوص