قال رجل منا: وأي حرج في أن تجري الشريعة وراء الأهواء.. ما
دامت تلك الأهواء مشروعة؟
لقد شهد العالم خلال القرون الثلاثة الأخيرة[1]، تقدماً كبيراً شمل جميع مرافق
الحياة، ورقياً فكرياً مذهلاً استطاع به الانسان أن يسبر أعماق البحار، ويضع قدمه
على جبين الأقمار وتغيرت، تبعاً لذلك، أوضاع المجتمعات ونظم الحياة.
أفترى في هذا الرفاه حرجا مع الشريعة المثالية.. هل تتناقض
الحياة المثالية مع الشريعة المثالية؟
قال خبيب: لا.. الشريعة لا تتناقض مع الحياة.. ولا مع الرفاه..
فالله تعالى يقول :﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي
الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى
كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾ (الاسراء:70)، وقال:﴿ قُلْ
مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ
الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً
يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (لأعراف:32)،
وقال :﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا
لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (الكهف:7)
ولكن الشريعة المثالية تتناقض مع الانحرافات الخلقية..
لقد رأيت أنه مع ذلك التقدم الكبير في المجالات التقنية وقعت
الحضارة ـ بسبب التشريعات التي وضعت لها ـ في انحرافات كبيرة..
لعل أهمها أنها حضارة مادية متنكرة للأديان مستخفة بالقيم
الخلقية التي لا تستقيم بدونها مجتمعات.
[1] انظر في هذا مقالا جيدا
بعنوان (الحضارة والأخلاق ودورنا المطلوب)