البشر.. وعليهما أثارة من أهواء البشر.. ولذلك لا يمكن
محاكمة دين الله من خلالهما.
وأما الثاني: فهو بيان المنهج الشرعي الذي وضعه الله للإنسان
- ابتلاء واختبارا - للسعي لتحقيق العدالة في نفسه ومجتمعه والعالم.
وقد اتفقت الأديان الربانية والوضعية على أن هذا السعي يحتاج
إلى قوم يضحون بأنفسهم في سبيل مواجهة الظلم والجور والاستبداد، لأنه لا يقوم قائم
بهذه المهمة الخطيرة التي تهز عروش الطغاة إلا وتعرض للمواجهة وللأذى، كما قال
تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ
بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ
بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [آل عمران: 21] ، فقد قرن الله تعالى بين الأنبياء
والآمرين بالقسط من الناس، وأخبر أن كليهما تعرض للأذى بل للقتل.
وفي الحديث قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم : (
لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمر الله تعالى فيه مقال، فلا يقول : يا رب خشيت الناس،
فيقول : فاياي كنت أحق أن تخشى)[1]
وبناء على هذا كان قالب هذه الرواية التي تحاول أن تبرز هذه
الحقائق الجليلة، وهي باختصار تدور حول رحلة بطل القصة إلى بعض البلاد الإسلامية،
حيث تعرض للاعتقال بسبب منشورات كان يحملها.
وبطل القصة شخص باحث عن العدالة، وصادق في بحثه، لكنه تعرض
لشبهات كثيرة جعلته يحجب عن العدالة التي جاء بها الإسلام كان سببها ذلك التاريخ
المشوه الممتلئ بالاستبداد والفساد، كما كان سببها أولئك العلماء الذين خلطوا دين
الله بدين الملوك.. فشوهوا دين الله بذلك أعظم تشويه.