قال: إن البشر لم يخلخلوا الموازين المرتبطة بالعلوم
والتكنولوجيا وحدها.. بل خلخلوا كل القيم التي تحكم الحياة العادلة.. فراحوا
يعبثون بها كما عبثوا بالذرة والخلية والهواء الذي يتنفسونه والماء الذي يشربونه.
قلنا: دعنا من هذا.. وهيا حدثنا عن الشريعة التي جاء بها
الإسلام لحفظ التوازن في حياة الناس..
نظر الصدر إلى من حوله نظرة حانية، وقال: لا يمكن أن تعتدل موازين الناس
حتى تعتدل موازين تصوراتهم وموازين سلوكاتهم..
التوازن التصوري:
قلنا: فحدثنا عن موازين التصورات.
قال: لا تعتدل موازين الإنسان حتى تعتدل الموازين التي تحكم
تصوراته وأفكاره.. فليس الإنسان سوى الفكرة التي يحملها.. والمبدأ الذي يعيش من
أجله.
قلنا: فحدثنا عن موازين التصورات التي جاء بها الإسلام[1].
قال: ليس هناك دين ولا فكره في الدنيا احترمت موازين
التصورات والعقائد كما احترمها الإسلام.. ذلك أنها انطلقت من الفطرة الإنسانية
السليمة.. وما تتطلبه الفطرة:
وبما أن الفطرة تطلب التوازن بين الجانب الذي تتلقاه لتدركه
وتسلم به، وينتهي عملها فيه عند التسليم، والجانب الذي تتلقاه لتدركه، وتبحث حججه
وبراهينه، وتحاول معرفة علله وغاياته وتفكر في مقتضياته العملية، وتطبقها في
حياتها الواقعية.. فإن جميع التصورات الإسلامية راعت هاتين الناحيتين ووازنت
بينهما، لأن كليهما يلبي جانباً أصيلاً، مودعاً في فطرة
[1] استفدنا في هذا المطلب
مما كتبه سيد قطب في كتابه (خصائص التصور الإسلامي) بالتصرف الذي ألفناه.