الثورة الفرنسية، فجعلت المساواة أساساً من الأسس الأولية في
القانون، وأصبحت القاعدة أن تسري نصوص القوانين على الجميع.
لكن مبدأ المساواة بالرغم من ذلك لم يطبق تطبيقاً دقيقاً حتى
الآن، إذ لم يكن من السهل التخلص من التقاليد القديمة دفعة واحدة وإنكار الماضي
كله، فبقيت حالات من التمييز وعدم المساواة اعتبرت استثناءات من مبدأ المساواة
التامة، وراح بعض الكتاب ينتحل لها المعاذير أو يبررها بحيل قانونية، بينما راح
البعض ينتقدها ويطالب بإلغائها.
ومن أظهر الأمثلة على عدم المساواة في القوانين الوضعية تميز
القوانين الوضعية دائماً بين رئيس الدولة الأعلى ملكاً كان أو رئيس جمهورية وبين
باقي الأفراد، فبينما يخضع الأفراد للقانون لا يخضع له رئيس الدولة بحجة أنه مصدر
القانون، وأنه السلطة العليا، فلا يصح أن يخضع لسلطة هي أدنى منه وهو مصدرها.
وتعتبر بعض الدساتير ذات الملك مقدسة، كالدستور الدنمركي
والدستور الأسباني قبل الجمهورية، أما الدستور الإنجليزي فيجعل ذات الملك مصونة لا
تمس، ويفترض أن الملك لا يخطئ، وفي بلجيكا ومصر ذات الملك مصونة لا تمس، وكذلك كان
الحال في إيطاليا ورومانيا قبل إلغاء النظام الملكي.
والأصل في النظام الجمهوري أن رئيس الجمهورية غير المسئول،
وكانت شعوب العالم تعترف بهذا الوضع لرؤساء الدول الجمهورية حتى القرن التاسع عشر،
ثم بدأت تخرج عليه تحقيقاً لمبدأ المساواة، فالدستور الفرنسي يجعل رئيس الجمهورية
مسئولاً جنائياً في حالة واحدة هي حالة الخيانة العظمى، ودستور تشيكوسلوفاكيا قبل
الحرب الأخيرة أجاز التحقيق مع رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى، والدستور
البولندي الذي وضع بعد الحرب سنة 1914 جعل رئيس الجمهورية مسئولاً جنائياً في حالة
الخيانة العظمى والاعتداء على الدستور، كما جعله مسئولاً إذا ارتكب جريمة عادية،
واشترط لمحاكمته إذن البرلمان وأغلبية