قبلهم الذين كانوا على مدى تاريخهم ترتعد فرائصهم من أولي
البأس والسلطان.. حتى إنهم ينافقونهم، ويخدمونهم، ويسجدون لهم.
لقد قال بولس، وهو ينافق السلطة الوثنية الغالبة في عصره:(
على كل نفس أن تخضع للسلطات الحاكمة. فلا سلطة إلا من عند الله، والسلطات القائمة
مرتبة من قبل الله. حتى إن من يقاوم السلطة، يقاوم ترتيب الله، والمقاومون سيجلبون
العقاب على أنفسهم. فإن الحكام لا يخافهم من يفعل الصلاح بل من يفعل الشر. أفترغب إذن
في أن تكون غير خائف من السلطة؟ اعمل ما هو صالح، فتكون ممدوحا عندها، لأنها خادمة
الله لك لأجل الخير. أما إن كنت تعمل الشر فخف، لأن السلطة لا تحمل السيف عبثا، إذ
إنها خادمة الله، وهي التي تنتقم لغضبه ممن يفعل الشر. ولذلك، فمن الضروري أن
تخضعوا، لا اتقاء للغضب فقط، بل مراعاة للضمير أيضا. فلهذا السبب تدفعون الضرائب
أيضا، لأن رجال السلطة هم خدام لله يواظبون على هذا العمل بعينه. 7فأدوا لكل واحد
حقه: الضريبة لصاحب الضريبة والجزية لصاحب الجزية، والاحترام لصاحب الاحترام،
والإكرام لصاحب الإكرام )(روميه 13/1 ـ 7)
قلنا: فلمن لجأت بعد أن لم تجد بغيتك عند أتباع المسيح؟
قال: بعد أن يئست من الأديان رحت أبحث في البلدان.. لعلي أجد أمة من
الأمم أو حضارة من الحضارات استطاعت أن تحطم وهم العنصرية لترى البشر بشرا.
قلنا: فبم بدأت؟
قال: ذهبت إلى بلاد الإغريق.. وقد وجدت التفاضل بين البشر
عندهم قائماً، فقد كانوا يعتقدون أنهم شعب خصهم الله بكريم الصفات الإنسانية، من
عقل وإرادة، وأن غيرهم من سائر البشر لم يشاركوهم في كريم صفاتهم الإنسانية؛ ولذلك
فقد كانوا يطلقون على غيرهم من الشعوب اسم البرابرة، إشارة إلى أن مرتبة كل الشعوب
لا تستطيع أن تسمو إلى مرتبتهم في الصفات الإنسانية الكاملة، وأصبحوا ينظرون إلى
من أسموهم البرابرة نظرة احتقار وازدراء،