قال: إذا هرب الصالحون من تحمل مسؤولياتهم.. فسيتولاها
المنحرفون.. وستفسد بتوليهم البلاد والعباد.
قال: اصبروا علي لأكمل ما قال الغزالي.. فلعل فيها جوابا لكم..
لقد قال بعدما ذكر ما ذكر من النهي عن الحرص على الإمارة : ( ولعل قليل البصيرة
يرى ما ورد من فضل الإمارة مع ما ورد من النهي عنها متناقضًا، وليس كذلك، بل الحق
فيه أن الخواص الأقوياء في الدين لا ينبغي أن يمتنعوا من تقلد الولايات، وأن
الضعفاء لا ينبغي أن يدوروا بها فيهلكوا، وأعني بالقوي الذي لا تُميله الدنيا، ولا
يستفزه الطمع، ولا تأخذه في الله لومة لائم، وهم الذين سقط الخلق عن أعينهم،
وزهدوا في الدنيا، وتبرموا بها وبمخالطة الخلق، وقهروا أنفسهم وملكوها، وقمعوا
الشيطان فآيس منهم، فهؤلاء لا يحركهم إلا الحق، ولا يسكنهم إلا الحق، ولو زهقت فيه
أرواحهم، فهم أهل نيل الفضل في الإمارة)[2]
قال رجل منا: أهذا اجتهاد اجتهده.. أم هو ما دلت عليه
النصوص؟
قال: بل هو ما دلت عليه النصوص المقدسة.. لقد قال تعالى يذكر
عن يوسف طلبه لتولي الخزائن.. قال تعالى:﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي
بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ
لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ
إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)﴾ (يوسف)
انظروا كيف طلب يوسف u هذا التمكين.. ولكنه لم يطلبه لنفسه.. لقد طلبه للخلائق الذين رأى
أن المجاعة ستفتك بهم لو لم يقم بما لديه من طاقات بإنقاذهم مما ينتظرهم من