المجتمع كله، والرعاية له رعاية للمجتمع كله، قال تعالى
:﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ
قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ
النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا..
(32)﴾ (المائدة)
وتقرير الكرامة الإنسانية للفرد، يتحقق أياً كان الشخص،
رجلاً أو امراة، حاكماً أو محكوماً، فهو حق ثابت لكل إنسان، من غير نظر إلى لون أو
جنس أو دين.. حتى اللقيط في الطرقات ونحوها، يجب التقاطه احتراما لذاته وشخصيته،
فإذا رآه أحد ملقى في الطريق، وجب عليه أخذه، فإن تركوه دون التقاطه أثموا جميعاً
أمام الله تعالى، وكان عليهم تبعة هلاكه..وهكذا حرص الإسلام على احترام الإنسان
حياً، فقد أمر بالمحافظة على كرامته ميتاً، فمنع التمثيل بجثته، وألزم تجهيزه
ومواراته.
ومن ذلك ما جاء في الشريعة من ضمانات لسلامة الفرد وأمنة في
نفسه وعرضه وماله، فلا يجوز التعرض له بقتل أو جرح، أو أي شكل من أشكال الاعتداء،
سواء كان على البدن كالضرب والسجن ونحوه، أو على النفس والضمير كالسب أو الشتم
والازدراء والانتقاص وسوء الظن ونحوه، ولهذا قرر الإسلام زواجر وعقوبات، تكفل
حماية الإنسان ووقايته من كل ضرر أو اعتداء يقع عليه، ليتسنى له ممارسة حقه في
الحرية الشخصية.
ومن ذلك ما جاء في الشريعة من ضمانات لحرية التنقل داخل بلده
وخارجه دون عوائق تمنعه.. فالتنقل حق إنساني طبيعي تقتضيه ظروف الحياة البشرية من
الكسب والعمل وطلب الرزق والعلم ونحوه، ذلك أن الحركة شأن الأحياء كلها، بل تعتبر
قوام الحياة وضرورتها، قال تعالى :﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ
ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ
النُّشُورُ (15)﴾ (الملك)
ولأجل تمكين الناس من التمتع بحرية التنقل حرم الإسلام
الاعتداء على المسافرين، والتربص لهم في الطرقات، وأنزل عقوبة شديدة على الذين
يقطعون الطرق ويروعون الناس