بالاستبداد..
وفيهم العلماني.. وفيهم الذي يدعو إلى الحكم الديني..
ولكن
عشرة من الناس من بين هؤلاء جميعا هم الذين شدوا انتباهي.. وهم الذي يحق لي أن
أعتبرهم أساتذة لي.. ولم أتألم في حياتي لشيء تألمي لفقدهم.
قلت:
كيف فقدتهم؟
قال: لقد حكم عليهم بالإعدام جميعا[1].. ثم نفذ حكم الإعدام فيهم واحدا واحدا.. على مرأى منا جميعا.. وقد
استشهدوا جميعا مبتسمين مستنيرين بأنوار لا يمكن لأحد في الدنيا أن يصفها.
لقد
كنت في تلك الأيام التي استنرت فيها بتلك الأشعة أعيش أحوالا متناقضة ممتلئة
بالتناقض..
ففي
تلك الأيام كنا نجلس كل يوم إلى ذلك الذي حكم عليه بالإعدام.. بل ذلك الذي سينفذ
فيه الإعدام مساء لنسمع منه ما يريد أن يوصينا به.. وما يرى أن حياته كلها قد سارت
في سبيله.
لقد
كانت تلك النفوس التي امتطت خشبة الصليب خير نفوس رأيتها في حياتي.. كان لها من
العقل والحكمة والحب والخير والعدل ما لا يمكن لأحد أن يتصوره.. ولكن المساكين
بلوا بمستبدين كمموا أفواههم، ولم يكتفوا بذلك، بل راحوا يرضون شهواتهم للدماء
بإزهاق أرواحهم.. ولم يكتفوا بذلك بل راحوا يستأجرون مفتين يتمسحون على أبواب
السلاطين،
[1] آثرنا في هذه الرسالة أن
يكون أبطالها جميعا من الشخصيات التي حكم عليها بالإعدام أو أعدمت فعلا.. وذلك
لبيان أن الإسلام بما يحمله من معاني العدالة السامية هو الذي زرع في تلك النفوس
القدرة على التضحية من أجل مبادئ العدالة، وهو معنى لا نجده في سموه إلا في
الإسلام.
ونحن نعتذر ـ كما اعتذرنا
من قبل ـ لتصرفنا في حياة الشخصيات التي نقدمها.. لأن الغرض من ذكرها غرض فني لا
علمي.. ولتفادي الأخطاء التي قد يقع فيها القارئ، فقد ذكرنا في الهامش المعلومات
الصحيحة من مصادرها الصحيحة.