فقد أمر ابنه بالصبر بعد أمره بالأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر.
ومثل ذلك ما ورد في سورة العصر كما قال تعالى :﴿
وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
(3)﴾ (العصر)
فقد أمر الله تعالى بالتواصي بالصبر بعد أمره بالتواصي بالحق..
وكأنه يشير إلى البلاء الذي قد يعرض لمن يوصي بالحق.
ومن الآداب التي وردت بها النصوص.. وشددت عليها.. أن يكون
المحتسب رقيقا رفيقا في أمره ونهيه بعيدا عن الفظاظة.. وهو ما أمرت به النصوص
الكثيرة.. وقد قال تعالى واصفا تأثير الرفق الذي كان عليه رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم :﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ
اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ
حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ
فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159)
قلنا: عرفنا المحتسب وصفاته .. فحدثنا عن المحتسب فيه.
قال: لقد عبر الله عن الوصف الجامع لذلك بكونه خيرا، فقال
:﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
﴾ (آل عمران:104) فالخير يشمل كلّ شيء يرغب فيه من الأفعال الحسنة.. ويندرج
تحته التّرغيب في فعل ما ينبغي، وهو الأمر بالمعروف.. ويندرج تحته التّرغيب في ترك
ما لا ينبغي، وهو النّهي عن المنكر.
قلنا: فحدثنا عن الكيفية التي يتم بها الاحتساب.
قال: لقد نص رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم على الكيفية التي يتم بها الاحتساب،
وبين مراتبها، فقال : (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فان لم يستطع فبلسانه، فان
لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف