إلا
ما يمكن أن أرى منك.. تبيعونني جميعا بأبخس الأثمان.
قال
الأول: كيف تقول لي هذا؟.. ألا تعلم التضحيات الكثيرة التي قدمتها لك؟
قال
الثاني: كل شيء بثمنه.. أنت تضحي ما دمت أدفع.. فإذا توقفت أنا توقفت أنت..
قال
الأول: لا.. لا تقل هذا.. معاملتي معك مختلفة تماما.. نعم أنا أقبض.. وأقبض كثيرا..
ولكن ليس لأجل القبض صرت من أنصارك.. بل من أجل تلك القيم النبيلة التي تحملها.
ضحك
الثاني، وقال: دعنا من النفاق.. فنحن الآن وحدنا.
قال
الأول: أنا لا أنافق.. أنا أعبر لك عما في نفسي.
قال
الثاني: أنا أعلم بما في نفسك منك.. أنت عندي لا تختلف عن الحجاج.. وهو مصدر
تقريبي لك، وإعجابي بك.. أتدري لم آثر عبد الملك بن مروان الحجاج على غيره؟
قال
الأول: أجل.. أعلم ذلك.. وقد ذكرته لي في أول لقاء لي بك .. لقد ذكرت لي أن عبد
الملك بن مروان قال للحجاج بن يوسف: ما من أحد إلا وهو عارف بعيوب نفسه، فعب نفسك،
ولا تخبئ منها شيئا، فقال: يا أمير المؤمنين.. أنا لجوج حقود حسود، فقال له عبد
الملك: إذا بينك وبين إبليس نسب، فقال: يا أمير المؤمنين إن الشيطان إذا رآني
سالمني.
قال
الثاني: أضف إلى هذا ما روي عن سميك الحجاج أنه قال لرجل، وقد أراد أن ينفذه في
بعض أموره: أعندك خير؟ قال : لا ولكن عندي شر.. فقال الحجاج: إياه أردت.. وأنفذه
فيه.
ضحكا
جميعا، ثم انصرفا.
سرت هذه الأصوات من أذني إلى قلبي..
فملأتني بالألم.. لقد ذكرت حينها قوله a : (لا
تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا، ثم يخرج رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا