قلنا: حدثتنا عن الركن الثالث من الأركان التي يقوم عليها
النظام السياسي الإسلامي.. فحدثنا عن الركن الرابع.
قال: أرأيتم لو أن رساما رسم على لوحته صورة لحديقة زينها
بأجمل الزهور والألوان، ونسقها تنسيقا بديعا.. لكنه تلاعب بالألوان.. فجعل أوراق
الأشجار سوداء.. وجعل المياه حمراء.. وجعل الشمس خضراء؟
قلنا: لا شك أن هذا رسام هازل.
قال: لا.. هو رسام جاد.. ولكنه أراد أن يبدع.. وقد رأى أن كل
الرسامين يرسمون الأوراق خضراء، فراح يحولها إلى سوداء.
قلنا: فهذا مجنون إذن.
قال: لم ترون جنونه؟
قلنا: لأن الإبداع لا يكون بالتلاعب بحقائق الأشياء..
قال: ففيم يكون إذن؟
قلنا: في تنسيقه واختياراته والإيحاءات التي تعبر عنها صوره.
قال رجل منا: ما تريد بكل هذا؟
قال: أريد أن أبين لكم العلاقة بين التنظيمات والدستور..
فالدستور الإلهي دوره أن يبين فطر الأشياء وحقائقها حتى لا يتلاعب الساسة بها..
وأما التنظيمات، فدورها أن تجعل صورة الحياة جميلة حية ممتلئة بالسعادة.
قلنا: فما علاقة هذا بالنظام السياسي الإسلامي؟
قال: كما أن الإسلام تشدد في دستوره الذي يحفظ حقائق
الأشياء، فإنه في مقابل ذلك تفتح تفتحا تاما على كل ما يخدم الحياة من تنظيمات..
فالحياة لا تستقيم إلا بالتنظيمات