في
ذلك اليوم، استيقظت على أصوات كثيرة مختلطة أنشأت في نفسي مشاعر مختلفة متناقضة
ممتلئة بالصراع.. سأحكيها لكم كما سمعتها.. فليس من العدل أن أذكر لكم النتيجة دون
أن أذكر مقدماتها.
كان
أول صوت سمعته فخما قويا ممتلئا بالأصداء التي تزرع المهابة والوجل، بل تكاد تزرع
الرعب نفسه.. كان هذا الصوت على ما يبدو يخاطب جمعا لا يكاد يسمع له صوت.. وكان
يقول لهم بنبرته القوية: هل أحضرتم بطاقاتكم معكم؟
قالوا
جميعا بصوت واحد، وكأنهم جنود في ثكنة: أجل.. وقد حفظنا كل ما لقنته لنا.
رد
عليهم: اذكروا لي ما تقولون عند مدخل قاعة الانتخاب.
قالوا
بصوتهم الضعيف الذي لا يكاد يسمع: سنصيح بحياتك..
رد
عليهم: وماذا تقولون غير هذا؟
قال
أحدهم: أنا سأقول: هيا انتخبوا ـ أيها الجموع ـ من أرسله الله لينقذ الفقراء..
قال
آخر: وأنا سأقول بعده: انتخبوا من سينشر العدل.. فلا نسمع بجور، ولا نرى مظلوما.
قال
آخر: وأنا سأقول: انتخبوا من سينشر الفضلة.. ويميت الرذيلة.. ويحيي المكارم التي
أماتها المفسدون من الذين سبقوه إلى كراسي المسؤولية التي لا يستحقونها.
قال
آخر: وأنا سأقول: انتخبوا ابن الشعب.. ذلك الذي نبت مع الشعب.. وعاش مع الشعب..
وهو لا يحن إلا لخدمة الشعب.
قال
آخر: وأنا سأقول: انتخبوا ذلك القوي الذي يخلصكم من سلطة المستكبرين.. ويرفع عنكم
بما أوتي من قوة قيود الاستبداد التي قيدكم بها الأباطرة.
قال
آخر: وأنا سأقول: انتخبوا ذلك الخبير في السياسة.. الداهية فيها.. فلا يصلح حالنا
إلا الدهاة.